تم إرسال طلبك بنجاح
المادة () : المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 124 لسنة 1972م بأحكام الوقف يعتبر الوقف نظاما إسلاميا خالصا فلم يكن يعرف الوقف قبل الإسلام وقد صادف نظام الوقف رغبة المسلمين في أقطار الإسلام المختلفة ومنذ عصره الأول فتابع الناس حبس أموالهم على أولادهم وعلى جهات البر منذ قرون، وأهتم بالوقف أمراء المسلمين وحكامهم كما أهتم به القضاء الإسلامي في عصوره المختلفة، وكان تشريع الوقف والقضاء في منازعاته يجرى طبقا لحكم الشريعة الإسلامية منذ نشأة الوقف - ذلك أنه كما قدمنا تشريع إسلامي خالص فلم يجر عليه ما جرى على غيره من طغيان الشرائع الأجنبية الوضعية على شريعة الإسلام في معظم البلاد الإسلامية كما في أحكام المعاملات المدنية وأحكام الجرائم والعقوبات وأصل نظام الوقف في الشريعة الإسلامية هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه حين شاوره في أرض له بخيبر "حبس أصلها وسبل الثمرة" ويعزز ذلك روايات أخرى تفيد معناه وقد اختلف فقهاء المسلمين في معنى الأثر ومدى ما يراد منه وكان لاختلافهم أثر كبير في تحديد معنى الوقف وشروطه ولزومه. وقد اهتمت الجمهورية العربية الليبية بنظام الوقف نظرا لأهميته وإقبال الناس على إنشائه حماية لذريتهم من تضييع الثروة التي جمعها الآباء لهم بالكد والتعب، ورغبة من بعض الناس في إنشاء الوقف لجهة بر ابتغاء الثواب في الآخرة - وقد أعدت بعض مشروعات بقوانين لتنظيم الوقف، وقد كانت هذه المشروعات أمام اللجنة العليا كما كان أمامها أحكام القوانين التي نظمت الوقف في جمهورية مصر العربية عند إعداد هذا المشروع. المادة (1) والمادة الأولى من المشروع عرضت لتعريف الوقف بأنه حبس العين وجعل غلتها أو منفعتها لمن وقفت عليه - وقد رؤى أن يدرج تعريف الوقف في المادة الأولى من القانون - مادام التعريف جامعا مانعا - وإذا كان إيراد التعريفات في القوانين أمرا غير مرغوب، فإنه نظرا لأهمية الوقف ولأن التعريف الذي أوردته المادة الأولى قد نأى عن الخلاف بين الفقهاء في تعريف الوقف ومذاهبهم في بقاء العين على ملك صاحبها أو على حكم ملك الله تعالى بعد الوقف فإن القانون قد أورد التعريف وابتعد به عن مواضع الخلاف بين الفقهاء في مسائل عديدة مثل لزوم الوقف وحكم ملك العين بعد الوقف ووقف المنفعة ذاتها وبذلك أصبح التعريف جامعا للوقف ومانعا من دخول غيره بغض النظر عن الخلاف بين الفقهاء في مسائله لا سيما وأن المشروع قد راعى الأخذ بالحكم الذي يحقق المصلحة دون التزام مذهب معين من المذاهب الإسلامية في جميع أحكامه. المادة (2) ونصت المادة الثانية منه على وجوب الإشهاد عند إنشاء الوقف أو التغيير في مصارفه وشروطه والاستبدال به وذلك من تاريخ العمل بالقانون وحددت المادة الجهة التي يجرى الإشهاد أمامها بأنها المحكمة الشرعية. والإشهاد على العقود وسائر التصرفات وتوثيقها مما أمر به الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله تعالى "يأيها الذين أمنوا إذا تداينتهم بدين إلى أجل مسمى فأكتبوه". وقد تناول الفقهاء أحكام التوثيق وشرائطه غير أنهم لم يوجبوا توثيق شيء من التصرفات ولم يشترطوا التوثيق لصحة التصرف ولم يمنعوا سماع الدعوى به إذا لم يكن مكتوبا أو موثقا. غير أنه لولي الأمر عند قيام المصلحة أن يوجب الإشهاد عند إنشاء الوقف أو التغيير في مصارفه أو شروطه - ولا شك في وجود المصلحة من إيجاب الإشهاد منعا لدعاوي الكيد الباطلة وسدا لذرائع الإدعاء بغير حق - ولذلك اشترطت المادة الثانية الإشهاد على الوقف وأمرت بأن يضبط الإشهاد عند صدوره بدفتر المحكمة صيانة للحقوق - ولم تجعل المادة تمام الوقف متوقفا على حيازة الموقوف نظرا لأن الاشهاد يغني عن الحوز في إفادة تمام التصرف - وقد عدل القانون في ذلك عن مذهب المالكية الذين يشترطون الحوز لتمام الوقف إلى مذهب الإمام أحمد الذي يقرر فيه أحد القولين أن الوقف يتم بالصيغة دون توقف على القبض (الحوز) - وهذا هو ما يتفق عقلا مع اشتراط الإشهاد وإيجابه إذ لا يعقل أن يشهد الواقف على الوقف ثم يبقى الوقف بعد ذلك متوقفا على حيازة الموقوف إذا لم يكن قد قبض فعلا. لأنه لا معنى لإيجاب الإشهاد بما يتطلبه من إجراءات ثم تعليق أمر الوقف وتمامه بعد ذلك على الحوز - وما أخذ به القانون يتفق مع مذهب الإمام أحمد. وراعت الفقرة الأخيرة من المادة الثانية ما جرى عليه العمل قبل هذا المشروع من إنشاء الوقف دون إشهاد أو توثيق أو بالكتابة على المساجد أو الكتب ونحو ذلك فأجازت إثبات هذه الأوقاف بالطرق التي كانت متعارفة في إنشائها اعتبارا بالمصلحة من ذلك وأخذا بالقاعدة العامة من خضوع التصرف في إنشائه للقانون الذي تم في ظله التصرف والذي لم يكن يوجب طريقا خاصا في إنشاء الوقف. المادة (3) وجعلت المادة الثالثة سماع الإشهاد من اختصاص المحكمة الابتدائية الشرعية التي يقع بدائرتها أعيان الوقف كلها أو أكثرها قيمة - وقد رؤى أن يكون الاختصاص بسماع الإشهاد لجهة القضاء زيادة في الاحتياط ولأن التصرف بالوقف من التصرفات الشرعية التي قد يدق فهم بعض أحكامها على غير القضاة - وأعطت الفقرة الثانية من المادة للقاضي المختص بسماع الإشهاد أن يرفض سماعه إذا تبين له وجود ما يمنع سماعه كأن يكون الواقف غير أهل لصدور التصرف منه أو أن يكون في الإشهاد حرمان لبعض من يجب لهم استحقاق في الوقف دون مبرر أو يكون الوقف لجهة لا يجيز الشرع الوقف عليها - وأباحت المادة لمن رفض القاضي سماع اشهاده بالوقف أن يتظلم من قرار القاضي بالرفض خلال مدة معينة - كما أعطى هذا الحق في التظلم أيضا لمن حرمه الواقف من الاستحقاق في الوقف دون مبرر - خلال ثلاثين يوما من تاريخ علمه بالحرمان - ونصت المادة في فقرتها الأخيرة على أن قرار المحكمة الابتدائية في تظلم من رفض القاضي سماع إشهاده أو حرم من الاستحقاق دون مسوغ - يكون نهائيا حتى لا يطول أمد التقاضي بعد أن نظر تظلم صاحب الشأن وقضى فيه. ويلاحظ أن ما أوجبته المادتان الثانية والثالثة من إيجاب الإشهاد على الوقف وتنظيم سماعه لا يحمل على أنه إيجاب شرط للوقف لم يذكره الفقهاء إذ أن اعتبار الوقف الذي ينشأ بإشهاد - غير صحيح - يتفق مع قول من قال بعد جواز الوقف من أئمة التابعين وإذا صدر بالوقف إشهاد كان صحيحا أخذا بقول جمهور الفقهاء وكذلك التغيير في مصارف الوقف إذا لم يصدر به إشهاد كان غير صحيح أخذا بأحد قولين في مذهب الإمام أحمد وهو أن الواقف لا يملك التغيير في مصارف وقفه وأن شرط ذلك. المادة (4) ونصت المادة الرابعة على أن وقف المسجد والوقف عليه لا يكون إلا مؤبدا - أما الوقف على جهات البر الأخرى وعلى المستحقين فيجوز أن يكون مؤبدا أو مؤقتا. ووقف المسجد نفسه بأن يكون المكان الموقوف مسجدا ويستوي أن يكون مسجدا تقام فيه الجماعة فقط كبعض الزوايا في بعض البلاد أو يكون مسجدا تقام فيه الجماعة والجمعة - والعلة في التأبيد أن المسجدية قربة لا تنقطع أبدا ولذلك كان وقفه والوقف عليه مؤبدا. أما ما يجوز تأقيته فهو الوقف على جهات الخير الأخرى دينية أو دنيوية أو الوقف على المستحقين فيكون الواقف في إنشاء الوقف حرا في تأبيد الوقف أو تأقيته متى نص على ذلك في إشهاد الوقف - فإذا سكت عن النص في الإشهاد كان الوقف مؤبدا. والتأبيد يكون بذكر الأبد صراحة في إنشاء الوقف سواء سمي مصرفا ينقطع أو مصرفا لا ينقطع ويكون أيضا بذكر مصرف لا يظن انقطاعه لوجود التأبيد دلالة - أما إذا سكت عن التأبيد أو التأقيت كان الوقف مؤبدا - فالوقف لا يكون مؤقتا إلا إذا نص على التأقيت صراحة وسواء ذكر مصرفا ينقطع أو مصرفا لا ينقطع. وتأقيت الوقف يكون بالمدة أو الطبقات فإذا كان مؤقتا بالمدة كانت العبرة بها ولا يعتبر عدد الطبقات حتى ولو تجاوز الطبقتين - وقد نص المشروع على أن المدة لا تجاوز ستين سنة هجرية من تاريخ إنشاء الوقف - أما إذا كان مؤقتا بالطبقات فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة على أن يكون محددا بطبقتين فإذا تجاوزهما صح الوقف على الطبقتين الأوليين ويبطل على من عداهما من الطبقات. والمقرر أن الطبقة هي مرتبة من مراتب الاستحقاق المتعاقبة أو أهل هذه المرتبة سواء تعددوا أولا وسواء عينوا بالاسم أو بالوصف كان بينهم توالد أم لا - كما لو وقف على أولاده ثم أولاد أولاده ثم أولادهم أو وقف على أولاده ثم على أخوته ثم على جيرانه مثلا فيكون أهل كل درجة من درجات الاستحقاق طبقة وكذلك لو وقف على زيد ثم عمر أو ثم خالد اعتبر كل واحد منهم طبقة. وجواز التأبيد والتأقيت في الوقف مذهب المالكية لأنهم لا يعتبرون تأبيد الوقف شرطا لصحته كما يذهب إلى ذلك الحنفية - وعند الشافعية يبطل الوقف إذا ذكر مدة له كأن يقف على الفقراء أو على زيد سنة أو عشرة سنين ولا أثر لذكر المدة عندهم إذا كان الوقف يشبه التحرير كأن وقف مسجدا سنة أو ذكر مدة طويلة كألف سنة إذ يستفاد منها التأبيد. وقد أخذ المشروع في وقف المسجد وأنه لا يكون إلا مؤبدا برأي الحنفية فلا بد من تأبيد وقف المسجد والوقف عليه وعدل عن مذهب الحنفية في جواز تأقيت وقف ما عدا المسجد والوقف عليه فيجوز أن يكون مؤقتا تيسيرا على الناس وراعى القانون في تحديد المدة، بستين سنة هجرية وتحديد الطبقات بطبقتين عند التأقيت المصلحة - ويظهر ذلك أكثر ما يظهر في الوقف على الذرية إذ الغالب أن يتضاءل نصيب كل مستحق إذا ما انتقل الاستحقاق من طبقة إلى أخرى ولا يكون في الوقف بعد ذلك إلا تقييد حرية الموقوف عليهم وفضلا عن ذلك فإن تأبيد الوقف على المستحقين فيد تقييد لحرية من لم يعرفهم الواقف من ذريته وقد يجتمع لهم حسن التصرف وحفظ الملك - ومذهب المشروع في إجازة تأبيد الوقف وتأقيته هو الأنسب لتحقيق المصلحة وله سنده من الشرع ومستند تأقيت الوقف الخيري أو الأهلي هو مذهب المالكية والإمامية وأحد قولين في مذهب أحمد وإحدى الروايتين عن أبي يوسف - أما اعتبار الوقف مؤبدا إذا لم يصرح بالتأبيد أو التأقيت فهو يستند إلى الرواية الأخرى عن أبي يوسف. المادة (5) وقد نصت المادة الخامسة على انتهاء الوقف بانتهاء مدته (وهي المدة التي أشارت إليها الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة وجعلتها لا تجاوز ستين عاما هجريا إذا كان الوقف مؤقتا بمدة معينة تدخل في حدود هذه المدة أو ترد إليها إذا زادت عن ستين عاما - وجعلت التأقيت بطبقتين من الموقوف عليهم إذا كان التأقيت بالطبقات - ولا يدخل الواقف في حساب الطبقات). وقد عالجت الفقرة الثانية من المادة حكم انتهاء الوقف بانتهاء مدته أو بانتهاء الموقوف عليهم فنصت على أن يصبح الموقوف ملكا للواقف إن كان حيا ولورثته إن كان ميتا - فإذا لم يوجد له ورثة آل الموقوف إلى الهيئة العامة للأوقاف. والمقصود بانتهاء المدة واضح - وانتهاء الموقوف عليهم يعني انقراضهم سواء وجدوا وماتوا أو لم يوجدوا أصلا - فينتهي الوقف بانتهائهم - ويعود الوقف ملكا للواقف إن كان حيا ولورثته إن كان ميتا - على سبيل الملك وإذا لو يوجد ورثة وقت انتهاء الموقوف عليهم آل الموقوف إلى الهيئة العامة للأوقاف. المادة (6) ونصت المادة السادسة على أنه إذا كان الوقف على جهة بر لم توجد أو كانت وانقطعت أو فضل الريع عن حاجتها صرف الريع أو ما يفضل منه بإذن المحكمة إلى الفقراء من أقارب الواقف الأقرب منهم فالأقرب ثم للفقراء عامة وهذا الحكم فيه تحقيق لإرادة الواقف الذي قصد بوقفه على جهة بر مرضاة الله تعالى وهو غرضه العام إلى جانب غرض خاص هو صرف الريع إلى مصرف معين فإذا فات غرضه الخاص بعدم وجود المصرف الخاص أو انقراضه بعد وجوده، فلا يفوت عليه القصد الأساسي ولذلك جعل المشروع صرف الوقف إلى الفقراء من أقارب الواقف وفاضل بينهم عند اجتماعهم بالقوة في القرابة وجعل من بعدهم في الترتيب الفقراء، وقد سوى المشروع بين حالة انعدام الجهة الموقوف عليها أو انقطاعها وبين حالة وجود فاضل من الريع لا حاجة للجهة الموقوف عليها إليه واحتاط المشروع لتحقيق غرض الواقف بالذات إذا وجدت الجهة الموقوف عليها فقضى بإعادة الصرف إليها. ونصت الفقرة الثانية على أن الهيئة العامة للأوقاف تتولى إدارة شئون هذا الوقف والإشراف عليه باعتبار أنها أقدر على إدارة الوقف وتقدير انعدام الجهة أو انقطاعها بعد وجودها ولأن الوقف يصرف ريعه إلى غير معينين بالاسم من أقارب الواقف. مادة (7) ونصت المادة السابعة من مشروع القانون في فقرتها الأولى على جواز وقف العقار والمنقول حتى ولو كان شائعا لا يقبل القسمة - والعقار كل ملك ثابت له أصل كالدار والضيعة، والمنقول هو ما ينقل ويحول وقد أجيز وقف العقار والمنقول بإطلاق حتى ما كان شائعا بين ملاك متعددين فيقف أحدهم حصته دون الآخرين - وحتى إذا كان لا يقبل القسمة وقد قصد بذلك التوسعة إذ الغرض من الوقف التقرب إلى الله تعالى، وفتح الطريق أمام ذلك أولى من التضييق - وجواز وقف العقار محل اتفاق بين الفقهاء وأما المنقول فهو جائز تبعا للعقار عند الحنفية ويجوز إذا وقف قصدا كالسلاح أما إذا لم يجر العرف والتعامل بوقفه كالثياب فلا يجوز، والمالكية يجيزون وقف المنقول استقلالا كما يجيزون وقف الحصة الشائعة في عقار وإن كان لا يقبل القسمة وفي المذهب رأيان بجواز ذلك - كما أجاز الوقف فيما لا يحتمل القسمة أبو يوسف ومحمد من أصحاب أبي حنيفة إلا في المسجد - والخلاف في جواز وقف الشائع الذي لا يقبل القسمة مبناه اشتراط القبض والتسليم أو عدمه في الوقف. ونصت الفقرة الثانية على جواز وقف الحصص في الأسهم والشركات التي تستغل أموالها استغلالا جائزا شرعا والأسهم والحصص من المنقول الجائز وقفه والقيد الذي وضع على نوع الاستغلال يقتضيه أن الوقف قربة لله تعالى في الغالب فيجب أن يكون ريع الوقف من مصدر يجوز التربح منه والقاعدة العامة في التكسب من أي طريق في الشريعة الإسلامية أن يكون الكسب حلالا. وأجازت الفقرة الثالثة من المادة السابعة الوقف على النفس أخذا بمذهب الحنفية وعدلت في ذلك عن مذهب المالكية وقد اشترط المشروع جواز الوقف على النفس أن يئول الوقف في النهاية إلى جهة بر حتى لا يكون مؤقتا وأجازة الوقف على النفس توسعة في المشروع فضلا عن تحقيقه للمصلحة التي قد تعن للواقف نفسه من تقييد تصرفه في العين حماية لنفسه في حياته ولذريته وتحقيقا لغرض من أغراض البر والخير. المادة (8) وتناولت المادة الثامنة حكم وقف غير المسلم وجعلت الأصل فيه صحته ما لم يكن الوقف على جهة محرمة في الشريعة الإسلامية كما لو وقف على معصية عندنا ومثال ذلك الوقف على دار لهو محرم أو على جماعة تسعى في الإفساد ويلاحظ أن عبارة غير المسلم بعمومها الذمي والمستأمن والنصراني واليهودي والمشترك والمرتد ولكن هذا العموم في العبارة لا أثر له إذ يقصد بالطبع غير المسلم ممن يكون له شريعة فلا يكون حكم المادة متناولا سوى من كانت له شريعة كاليهودي والنصراني وكذلك يكون وقف غير المسلم باطلا إذا كان على قربة إسلامية كما لو كان وقف المسيحي أو اليهودي على مسجد للمسلمين، ويلاحظ أن اختيار هذا الحكم، وهو بطلان وقف غير المسلم على قربة إسلامية مبناه قلة ذلك في الجمهورية العربية الليبية وعدم الحاجة إلى جعله صحيحا - ويلاحظ كذلك أن المراد من التحريم في الشريعة الإسلامية أن تكون الجهة الموقوف عليها متفقا على تحريمها في المذاهب الإسلامية التي يعتد بها المسلمون فإذا لم تكن محرمة إلا بعض المذاهب التي لا يعتد بها في نظر جمهور المسلمين لم تعتبر محرمة في الشريعة الإسلامية وهذا المعنى هو الذي يتفق من وضع هذا الحكم. وجواز وقف غير المسلم على جهة هي قربة عنده لا عند المسلمين هو مذهب المالكية وبه أخذ المشروع وعدم جواز وقفه على قربة إسلامية دون أن تكون قربة في ملته مذهب الشافعية والحنابلة وقد عدل عنه المشروع لما تقدم ذكره من عدم الحاجة إليه. المادة (9) وتناولت المادة التاسعة من المشروع القبول في الوقف فلم تجعل القبول شرطا في صحة الوقف ولا في الاستحقاق وهذا مستنده فقه الحنفية والشافعية والحنابلة - ويلاحظ أن الاستحقاق وإن كان لا يتوقف على القبول فإن للمستحق أن يرده وإذا رده بطل استحقاقه وانتقل إلى من يليه في الاستحقاق وأحتاط المشروع للحالة التي يكون فيها الموقوف عليه جهة لها ما يمثلها قانونا، فجعل القبول شرطا لصحة الوقف في هذه الحالة، وقد دلت الحوادث على أن اشتراط القبول يحقق المصلحة في مثل الوقف على الجهات التي لها من يمثلها قانونا كالجامعات والمعاهد التي تقوم بنشر نوع معين من الثقافة أو القيام بنشاط معين فيه مصلحة عامة إذ قد يلجأ بعض الناس إلى الوقف على هذه الجهات لا بغرض تشجيع نشاطها أو الإسهام فيه وإنما بقصد التوصل إلى الاشتراك في نشاط هذه الجهات إذ الغالب أن الجهة الموقوف عليها تلجأ إلى مكافأة الواقف لا سيما إذا كان الوقف ضخما وتكون مكافأته باشراكه في إدارة الجهة أو ضمه لعضويتها وقد يكون في ذلك ضرر أو تحقيق لمأرب الواقف الذي يخفي تحت ستار الوقف - فاشترط القانون لصحة الوقف أن يقبل ممثل الجهة حتى يكون لدى الجهة الموقوف عليها فرصة للتروي والبحث عن البواعث التي حدت بالواقف لإنشاء الوقف وليس في ذلك ضرر بل احتمال الضرر في خلافه وعدم اشتراطه. ونصت المادة كذلك على أنه إذا لم يقبل ممثل الجهة الموقوف عليها انتقل الوقف إلى الجهة التي تليها كما لو وقف على معهد علم له من يمثله ثم إلى جهة بر أخرى أما إذا لم توجد جهة أخرى يعتبر الوقف منتهيا إذ لا يكون له مصرف يتوجه إليه. المادة (10) كما نصت المادة 10 من المشروع على بعض الحالات التي يبطل فيها الوقف ومنها استحقاق الموقوف قبل الوقف وإحاطة الدين بمال الواقف قبل الوقف لأن المال الموقوف يعتبر حكما مملوكا للغير وخارجا عن ملكية الواقف ومن الحالات التي يبطل فيها الوقف، الوقف على البنين دون البنات والوقف على البنات دون البنين لما في ذلك من خروج على أحكام الشريعة السمحة التي تكفلت بقسمة المال بين أبناء الأسرة الواحدة قسمة عادلة لا غبن ولا اجحاف فيها بحق أحد وقد قرر المشروع ذلك نظرا لما شاع وانتشر وفشى بين الناس في ليبيا من الوقف على البنين دون البنات بغية حرمان الأنثى من الميراث التي تكفل الله لها بالنصف مع أخيها، كما قرر المشروع بطلان الوقف إذا كان على معصية لأن الوقف فيه جانب لله فهو في الأصل من قبيل القرب والله لا يتقرب إليه بمعصية لذلك بطل الوقف إذا كان على معصية، وأصل هذه الأحكام مستمدة من مذهب المالكية عدا بطلان الوقف على البنات دون البنين فإن المشروع خالف مذهب المالكية في جواز ذلك وقرر البطلان استصلاحا ولاتفاق الحالتين في العلة. وتحقيقا لاستقرار الأوضاع وحسما للمنازعات نصت المادة 10 في فقرتها الأخيرة على أن بطلان الوقف على البنين دون البنات أو العكس لا يسري على الأوقاف السابقة والمنشأة قبل العمل بهذا القانون وإنما يسري البطلان على الأوقاف التي تنشأ بعد العمل بهذا القانون. المادة (11) وقد نصت المادة 11 من المشروع على أنه إذا اقترن الوقف بشرط غير صحيح صح الوقف وبطل الشرط. ويعتبر الشرط غير صحيح إذا كان محرما أو مخالفا بمقاصد الشارع فمن أمثلة الشرط المحرم أن يقف على امرأة على شرط أن تبقى خليلة له ما رغب في ذلك أو يقف على ابنه بشرط أن يقاطع والدته ويعقها ومن أمثلة الشرط المخالف لمقاصد الشارع أن يقف المسجد ويشترط أن يصلى فيه قوم دون قوم ومثله أيضا ما لو وقف على زوجته بشرط ألا تتزوج بغيره إذا طلقها أو توفى عنها. وصحة الوقف وبطلان الشرط الفاسد الذي لا ينافي أصل الوقف مذهب المالكية والحنفية والحنابلة. وصحة الوقف وبطلان الشرط المنافي لأصل وقف المسجد مذهب جمهور الفقهاء أما بالنسبة لوقف غير المسجد فهو قول في مذهب الحنفية ذكر في كثير من كتبهم أنه المختار للفتوى. المادة (12) نصت المادة 12 من المشروع على أنه لا يعمل بشرط الواقف إذا قيد حرية المستحق في الزواج أو الإقامة أو الاستدانة إلا إذا كانت لغير مصلحة وذلك كان يشترط أحد الزوجين في استحقاق الأخر عدم تزوجه بعد موته، أو يشترط الواقف على المستحق ألا يتزوج بمعين أو من أسرة أو طائفة أو بلد أو إقليم معين أو يشترط عليه أن يتزوج بمعين أو من أسرة أو طائفة أو بلد أو إقليم معين فمثل هذه الشروط تنبو عنها مقاصد الشريعة السمحة ومن الشروط ما يترتب على مراعاته تفويت مصلحة الموقوف عليه أو الإضرار به كشرط الحرمان من الوقف إذا استدان المستحق أو لحقه دين مع أنه قد يستدين لمصلحة عاجلة مشروعة وكشرط السكنى على وجه خاص أو عدم السكنى في بعض الجهات وكأن يشترط على المستحق أن يسكن مع باقي أفراد الأسرة في منزل الواقف وقد لا يتيسر له ذلك بحال فقد يكون موظفا يحتم عليه منصبه أن يقيم في جهة أخرى أو تحمله حاجات المعيشة أو طلب العلم على الإقامة في بلد أخر إلى غير ذلك مما لا يتيسر معه تنفيذ شرط الواقف إلا بضرر بين أو تفويت مصلحة. فهذه الشروط وأمثالها اعتبرها المشروع باطلة ولا يعمل بها أخذا بمذهب الإمام أحمد. المادة (13) أما المادة 13 من المشروع فقد نصت على أن يحمل كلام الواقف على المعنى الذي يظهر أنه إرادة ولو بقرينة أو عرف وهذا يتفق مع ما قرره فقهاء المسلمين من وجوب حمل عبارات الواقفين على ما يظهر أنهم أرادوه منها إما بقرينة أو عرف وافق لغة العرب أو الشارع أولا وقرر الفقهاء أيضا أن ألفاظ الواقفين إذا ترددت تحمل على أظهر معانيها وأن النظر إلى مقاصدهم لابد منه. ولما كانت الأعراف تختلف باختلاف الأزمان والبقاع فمن المصلحة حمل المحاكم على العمل بالقاعدة المذكورة الواردة في الفقرة السابقة. أما إذا لم يوجد عرف أو قرينة تبين غرض الواقف فلا مناص من تطبيق قواعد اللغة. المادة (14) نصت المادة 14 من المشروع على أنه يجوز للواقف مادام حيا أن يغير في مصارف الوقف وشروطه ويستبدل به غيره على الوجه الذي يريده ولو لم يشترط ذلك لنفسه في الاشهاد المسجل لدى المحكمة لأن العين الموقوفة معتبرة باقية على ملكه وغلتها كغلة عين مملوكة له يصرفها كما يشاء وسواء أكان الوقف أهليا أم خيريا، فإن لم يكن الواقف حيا كان التغيير في مصارف الوقف وشروطه واستبدال غيره به للمحكمة الشرعية المختصة ويتم ذلك بعد طلب يرفع إليها من الناظر على الوقف أو من المستحقين فيه، ومتى ظهر لها أن في تغيير مصارف الوقف أو شروطه أو استبدال غيره به مصلحة للوقف أو للمستحقين وجب عليها إجراءه وليس لها أن ترفضه إلا إذا كان من وراثة ضرر أو لم تظهر من وراثة فائدة للوقف أو للمستحقين. أما إذا كان حق النظر على الوقف للهيئة العامة للأوقاف فليس لها أن تغير في مصارف الوقف أو شروطه إلا بعد حصولها على إذن بذلك من المحكمة الشرعية المختصة ولها الحق في الاستبدال دون توقف على إذن بذلك. المادة (15) حفظا لأموال الوقف من الضياع وحرصا على صيانتها وحفظها وتنميتها أوجبت المادة 15 من المشروع إيداع أموال البدل في خزانة الهيئة العامة للأوقاف أو في حساب خاص لها وذلك فيما هي ناظرة عليه. أما أموال البدل الخاصة بالأوقاف التي ليس للهيئة العامة للأوقاف نظارة عليها فتودع في خزانة المحكمة الشرعية المختصة لتتولى حفظها وصيانتها، وخشية من تعطيل أموال بدل الأعيان الموقوفة وعدم استثمارها فقد تضمن المشروع ما يكفل التصرف في أموال البدل التي تجمعت في خزائن المحاكم أو في خزانة الهيئة العامة للأوقاف تصرفا يتفق مع مصلحة الأوقاف ومستحقيها فقد أجازت للمحاكم أن تشتري بمال البدل أعيانا جديدة تحل محل العين الموقوفة ولها أن تشتري أسهما من الشركات التجارية والصناعية والزراعية التي تستغل أموالها استغلالا جائزا شرعا، ويكون ربح هذه الأسهم غلة توزع على المستحقين في الوقف حتى إذا ما تيسر شراء عين بثمن هذه الأسهم وكان ذلك خيرا للوقف والمستحقين بيعت هذه الأسهم واشترى بثمنها عين تكون وقفا. ويجوز للمحكمة الشرعية المختصة أن تأذن بإنشاء مستغل جديد في أعيان الوقف بمال البدل كله أو بعضه وإذا لم يتيسر شيء من ذلك أذنت المحكمة باستثمار أموال البدل في أي وجه من وجوه الاستثمار الجائز شرعا كأن تدفعها لمن يعمل بها مضاربة مع اتخاذ الضمانات الكافية، ولا يتم شيء من ذلك إلا بعد تقديم طلب في هذا الشأن يرفع من ذوي الشأن إلى المحكمة الشرعية. أما الأوقاف التي تتولاها الهيئة العامة للأوقاف فيكون للهيئة الحق في شراء أعيان جديدة بأموال البدل تحل محل الأموال المستبدلة ولها أن تنفق هذه الأموال في إنشاء مستغل جديد أو تستثمرها في وجه من وجوه الاستثمار الجائز شرعا دون الرجوع في شيء من ذلك إلى المحكمة الشرعية. المادة (16) ونصت المادة 16 على أنه إذا لم يطلب ذوو الشأن من نظار ومستحقين وموقوف عليهم أو من يمثل جهات الاستحقاق شراء أعيان جديدة بمال البدل تحل محل أعيان الوقف المستبدلة أو إنفاق هذه الأموال في إنشاء مستغل جديد أو استثمارها في وجه من وجوه الاستثمار الجائز شرعا في مدى سنة من إيداع المبالغ خزانة المحكمة كان للمحكمة المودع لديها البدل من تلقاء نفسها أن تشتري بمال البدل المودع لديها مستغلات من عقار أو منقول أو أن تأذن بإنشاء مستغلات بها وما يشتري أو ينشأ يكون وقفا. المادة (17) كما تضمنت المادة 17 من المشروع أنه إذا كانت أموال البدل المودعة في خزانة المحكمة مشتركة بين أكثر من وقف فتشتري من مجموع الودائع مستغلات من عقار أو منقول تكون وقفا مشتركا بين الأوقاف صاحبة هذه الودائع بنسبة ما لكل وقف فيها، وتوحيد الأعيان يستتبع توحيد إدارتها فتتولى الهيئة العامة للأوقاف النظر عليها إذا كانت الأوقاف خيرية ولمن تختاره المحكمة إذا كانت الأوقاف أهلية وهذا ما لم يكن للواقف شرط يخالف هذه الأحكام وإلا فيتبع شرط الواقف وما أخذ به المشروع من جواز استغلال أموال البدل بشراء منقول و إنشاء مستغل جديد أو استثماره في وجه من وجوه الاستثمار الجائز شرعا متفق مع مذهب الحنفية. المادة (18) لم تجز الفقرة الأولى من هذه المادة للمستحق في الوقف أن يتنازل عن الاستحقاق ولا أن يقر به كله أو بعضه للغير، كما نصت الفقرة الثانية على أن إقرار الواقف أو غيره بالنسب على نفسه لا يتعدى إلى الموقوف عليهم متى دلت القرائن على أنه منهم في هذا الإقرار. ويهدف المشروع من تقرير هذه الأحكام إلى محاربة الوسائل التي تتخذ ذريعة إلى إدخال غير الموقوف عليهم في الوقف وجعلهم من المستحقين فيه رغم إرادة الواقفين، وهي التنازل عن الاستحقاق، والإقرار به للغير، والإقرار بالنسب على النفس. والتنازل عن الاستحقاق في الوقف قد يكون إسقاطا محضا ليس فيه تمليك لأحد، وقد يكون بالنزول عنه لمعين وتمليكه إياه، وإذ ذاك يكون معنى هذا النزول هو إخراج المتنازل لنفسه من الوقف وإدخال المتنازل إليه فيه ونزول الموقوف عليه عن حقه لغيره قد يكون نظير عوض وقد لا يكون، كما أن عدم جواز التنازل ينصرف إلى الحق في الاستحقاق كله أو بعضه، على أنه إذا كان الموقوف عليه الذي نزل عن استحقاقه هو الواقف نفسه وكان نزوله لغيره قد صدر به الاشهاد المبين في المادة الثانية من المشروع كان تصرفا جائزا لأنه تغيير صريح في مصرف وقفه مما يجوز له إجراؤه وفقا لأحكام المشروع. وإقرار الموقوف عليه الذي لم تجزه الفقرة الأولى ورد عاما وشاملا لجميع صور هذا الإقرار، فهو يتناول الإقرار الشفوي والإقرار الكتابي، والإقرار أمام القضاء وخارجه، ويشمل كذلك الإقرار الذي ينفرد به المقر والإقرار الذي يأخذ صورة تصادق بين المقر والمقر له خاصة، أو صورة تصادق عام بين جميع المستحقين، كما يتناول الإقرار الذي يظهر أنه كان في مقابلة عوض والإقرار الذي لم يتبين أنه كان من أجل ذلك، كما ينصرف إلى الإقرار الصريح والإقرار الضمني. والاستحقاق الذي لا يجوز التنازل عنه أو الإقرار به كله أو بعضه للغير هو ما يطلق عليه الفقهاء اسم الحق المجرد وحق الاستحقاق، أي كونه مستحقا، ولا يراد منه غلة الوقف، لأن هذه الغلة متى حدثت تكون مملوكة للمستحق ويكون حكمها كحكم سائر أملاكه لا حجر عليه في التصرف فيها وله أن يقر بها لغيره وأن يتصرف فيها أي تصرف جائز، وليس في الإقرار بها للغير أي مظهر من مظاهر جعل غير الموقوف عليه مستحقا في الوقف ولا مخالفة لإرادة الواقفين وما اشترطوه في أوقافهم. وقد قامت أحكام الفقرة الأولى من المادة 18 على ما ذهب إليه متأخرو الحنفية في إقرار المستحق في الوقف، وما نص عليه فقهاء الحنابلة من بطلان الإقرار إذا كان مخالفا لما بكتاب الوقف. وأما عن إقرار الواقف أو غيره بالنسب على نفسه وهو الإقرار الذي بينت الفقرة الثانية حكمه، فمن المعلوم أن الإقرار بالنسب على النفس يكون بالأبوة وبالبنوة وبالأمومة فحسب على الصحيح، وإذا كان الإقرار بالنسب على النفس ليس مما يثبت به النسب فالأمر فيه واضح، أما إذا كان إقرارا يثبت به النسب فإن الفقرة الثانية من المادة 18 اقتصرت على الحكم بأنه لا يتعدى المقر والمقر له إلى الموقوف عليهم أي أنه لا يؤثر في استحقاق الموقوف عليهم، ومؤدى ذلك أنه لا يثبت للمقر له بهذا الإقرار استحقاق في الوقف فلا يعتبر من الموقوف عليهم، ولم يذهب المشروع إلى القول بعدم تعدي هذا الإقرار في جميع الأحوال، بل اشترط لذلك أن تدل القرائن على أن المقر متهم في هذا الإقرار، ومعنى كونه متهما فيه أن يتمكن الشك في كونه صادقا في هذا الإقرار وأن يغلب الظن أنه كاذب فيه لم تحمله عليه الرغبة الخالصة في تصحيح نسب يراه حقا. ولا فرق في الحكم المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 18 بين أن يكون الإقرار صادرا من الواقف أو من غيره، والواقف وإن كان يملك التغيير في مصارف وقفه ولو بغير شرط إلا أنه قد يتخذ هذا الإقرار وسيلة إلى حرمان ذريته من بعض ما يجب لهم من الاستحقاق بمقتضى أحكام المشروع فوجب أن يكون كغيره من المقرين في هذا الحكم. وقد قامت أحكام الفقرة الثانية المشار إليها على القواعد المقررة في مذهب المالكية من أن التهمة في الإقرار بالنسب أو غيره إما مبطلة للإقرار أو مانعة من ترتيب آثار ثبوت النسب وخاصة إذا كانت هذه الآثار يتعدى ضررها إلى غير المقر وإن كان ضررا بعيدا يكاد يكون متوهما. المادة (19) أجازت الفقرة الأولى من هذه المادة للمالك أن يقف مالا يزيد على ثلث ماله على من يشاء من ورثته أو غيرهم، أو على جهة بر، وتكون العبرة بقيمة ثلث ماله عند موته، وقد رؤى تضمين المشروع هذا الحكم تنسيقا مع الحكم المنصوص عليه في مشروع قانون الأحوال الشخصية والذي يجيز للموصي أن يوصي لمن يشاء بما لا يجاوز ثلث ماله، ويستوي في أعمال الحكم الذي نصت عليه الفقرة المشار إليها أن يكون الوقف على الخيرات أو الأشخاص كما يستوي عليه أن يكون هؤلاء الأشخاص وارثين له أو غير وارثين من قرابته أم من غيرهم وكما أطلقت الفقرة الأولى حرية المالك فيمن يقف عليهم في حدود الثلث، فإنها أطلقت حريته كذلك في تحديد أنصبة الموقوف عليهم طالما كان الوقف في هذه الحدود، والواقف يتمتع بهذه الحرية كذلك ولو كان الموقوف عليهم من ورثته، فيكون له أن يسوى بينهم أو يفاضل حسب الميراث أو بأقل منه أو أكثر. ومال الواقف الذي أطلقت إرادته في ثلثه هو ما يشمل الباقي على ملكه عند موته من عقار ومنقول ونقود وديون وكل ما له قيمة مالية من حقوقه الأخرى كالمنافع وحقوق الانتفاع. على أن الفقرة الثانية من المادة 19 أجازت للمالك أن يقف كل ماله على من يكون موجودا وقت موته من ذريته ووالديه وزوجه أو أزواجه وذلك مع مراعاة حكم المادة 20 التي سيأتي بيان أحكامها فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء جاز له وقف كل ماله على من يشاء، وقد قصد المشروع من هذا النص حماية هذا الصنف من الورثة، وقد روعي في ذلك أن هؤلاء الوارثين هم أسرة الواقف بالمعنى الضيق، وهم ينفقون من أمواله في حياته عادة وهم الذين يسهمون في تكوين أمواله في أغلب الأحوال، أما الورثة الآخرون فمن النادر أن تكون لهم هذه الصلة، ولذلك ترك أمرهم لإرادة الواقف يقدره حسبما يراه من ظروف واعتبارات. فإذا لم يوجد عند وفاته أحد من الورثة المنصوص عليهم في الفقرة المذكورة، ما كان ثمة مانع من أن يقف كل ماله على من يشاء. وتجدر الإشارة بصفة خاصة إلى أن المقصود بالوالدين هما الأب والأم اللذان ولدا الإنسان مباشرة، إذ أن هذا هو المعنى الأصلي للكلمة عند الإطلاق وعدم القرينة، ومصطلح الزوج والزوجة لا يستعمل إلا حيث يكون الحل والعلاقة قائمين وذلك يكون حين قيام الزوجية وأثناء عدة الطلاق الرجعي. المادة (20) أوجبت الفقرة الأولى من هذه المادة - في حالة ما إذا كان الوقف يزيد على ثلث مال الواقف عند موته - أن يكون للوارثين من ذرية الواقف وزوجه أو أزواجه أو والديه الموجودين وقت وفاته استحقاق في الوقف فيما زاد على الثلث وفقا لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقا لأحكام المشروع. ومن الواضح أن مناط وجوب استحقاق ذرية الواقف وزوجه أو أزواجه ووالديه هو قيام الإرث، فإذا انعدم الإرث انعدم وجوب الاستحقاق ومن ثم إذا قام بالوارث مانع من الإرث كاختلاف الدين أو القتل لم يجب له استحقاق، ولا يجب هذا الاستحقاق لكل وارث وإنما يجب للمحددين في النص دون سواهم من الورثة وذلك للحكمة التي سلف الالماع إليها في مقام إيضاح حكم المادة 19. ولا يثبت شيء من الاستحقاق لأي من الورثة المحددين إلا إذا كان موجودا وقت وفاة الواقف. إذ أن هذا الوقت الذي يثبت فيه استحقاق الإرث فعلا للوارث، هو وقت الموت الحقيقي أو وقت اعتباره ميتا وفقا للأحكام المقررة في شأن اعتبار المفقود ميتا. ومتى توافرت في أحد الورثة شرائط وجوب الاستحقاق وجب أن يكون له استحقاق في وقف ما زاد على ثلث مال الواقف بقدر ما كان يستحقه ميراثا في تركة الواقف، أي أن ينظر إلى الاستحقاق في وقف هذا الزائد كما ينظر إلى التركة وينظر إلى ورثة الواقف موته جميعا سواء كانوا من الورثة الذين يجب لهم الاستحقاق أو منهم ومن غيرهم، ولكن لا يحتسب بينهم من كان محروما من كل نصيبه فإذا عرف سهم كل من ذوي الاستحقاق الواجب كان له استحقاق في وقف ما زاد على ثلث مال الواقف بقدر هذا السهم. وهذا مع مراعاة ما نصت عليه المادة 22 من وجوب أن يكون لفرع من توفى من أولاد الواقف في حياته استحقاق في الوقف بقدر ما كان يجب لأصله لو كان موجودا عند موت الواقف، وسيأتي بيان أحكام هذه المادة. هذا وقد تضمنت الفقرة الأولى من المادة 20 النص على أن الاستحقاق في الوقف لا يكون واجبا لمن يكون الواقف قد أعطاه بغير عوض ما يساوي نصيبه عن طريق تصرف آخر، فإن كان ما أعطاه أقل مما يجب له استحق في الوقف بقدر ما يكمله. ومن المعلوم أن التصرف يكون بغير عوض إذا تم بطريق التبرع وذلك يكون بالوقف وبالهبة وبالوصية وبالتصرفات التي في حكمها، على أنه تجدر الإشارة إلى أن المناط في اعتبار التصرف بعوض أو بغير عوض هو بوصفه الحقيقي بحسب أحكام الشريعة الغراء وليس بحسب الوصف الذي يطلقه عليه من أبرمه فلو أن الواقف قد باع لذي الاستحقاق الواجب بثمن ضئيل جدا لا يسمى ثمنا لمثل هذه الصفقة عرفا، اعتبر تصرفه بغير عوض، وكذلك لو سمي في عقد البيع ثمن المثل ولمن ثبت أن ذلك لم يكن وأن الواقف لم يقبض ثمنا كان هذا منه إعطاء بغير عوض، أما إذا ثبت أن التصرف كان بعوض فإنه لا يمنع من الاستحقاق الواجب في الوقف، على أنه يتعين أن يكون العوض ماليا لأن الحكم يتعلق بالحقوق المالية وصيانة حقوق الوارثين في التركة، وهذا يحتم عدم الاعتداد بالعوض إذا لم يكن مالا ولا حقا ماليا، فلو أن الواقف كان قد أعطى أحد أصحاب الاستحقاق الواجب شيئا من ماله مكافأة له على بره وإخلاصه أو لقاء أنه رفع اسم أسرته وجعل لها شأنا مذكورا كانت عطيته هذه بدون عوض. أما إذا كان عطاؤه نظير عمله في مال الواقف وتنمية ثروته وتدبيرها تدبيرا حسنا وكان هذا العمل ثابتا ومما يصلح أن يكون لقاء أجر، كانت عطية الواقف في مقابلة عمل مادي فتعتبر عطية بعوض. وجدير بالذكر أن الوارث الذي لم يجب له نصيب في وقف ما زاد على الثلث بسبب أن الواقف وفاة حقه من طريق تصرف آخر بغير عوض، هذا الوارث لا يفرض معدوما، ولا يكون نصيبه من حق بقية الورثة بل يكون ملحقا بالثلث ويدخل فيما يكون للواقف حرية التصرف فيه، وذلك بخلاف الوارث الذي قام به سبب مانع من الإرث فإنه يعتبر في حكم المعدوم ويكون توزيع الاستحقاق كتوزيع الميراث، وكذلك نصيب من كان للواقف حرمانه بمقتضى أحكام المشروع فإنه بالحرمان يعتبر في حكم من مات في حياة الواقف على ما سيلي بيانه. وقد أوجبت الفقرة الأولى من المادة 20 انتقال الاستحقاق الواجب لكل وارث إلى ذريته من بعده، فلم توجب انتقاله إلى ورثة هذا المستحق أيا كانوا، كما أشارت إلى أن انتقال هذا الاستحقاق يكون وفقا لأحكام المشروع، ومن ثم يتعين مراعاة هذه الأحكام في صدد هذا الانتقال، وخاصة أحكام الفقرة الأولى من المادة 24. ورغبة في توفير أكبر قدر من الحماية لأصحاب الاستحقاق الواجب، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 20 على عدم جواز حرمان أي منهم من كل أو بعض الاستحقاق الواجب له، ولا اشتراط ما يقتضي حرمانه إلا إذا كان هناك سبب قوي يقتضي الحرمان. وإذا زال سبب الحرمان عاد له حقه في الاستحقاق. وقد يحرم الواقف صاحب الاستحقاق عند إنشاء الوقف، عندئذ يجب أن يشمل الإشهاد بالوقف على هذا الحرمان مع بيان سببه وقد يرى الواقف حرمان صاحب الاستحقاق بعد إنشاء الوقف، وعندئذ يجب أن يكون بموجب إشهاد وفقا لما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة الثانية من المشروع، ولمن حرم الحق في التظلم على الوجه الذي نصت عليه المادة الثالث. وعلى المحكمة عند سماع الاشهاد المتضمن الحرمان، أو الاشهاد بالحرمان (إذا كان الحرمان لاحقا لإنشاء الوقف) أن تتحقق من الأسباب التي يراها الواقف مقتضية للحرمان وأن تبحث ما يحيط بذلك من الظروف والملابسات وأن تقدر الأمر طبقا لأحكام الشريعة والمصلحة العامة والعرف والآداب، وأن تراعي بوجه خاص تقاليد أسرة الواقف وآدابها، وأن تقدر ضوء ذلك جميعه ما إذا كان الحرمان يستند إلى سبب قوي أم لا. على أن الاشهاد بالوقف قد يقتصر على اشتراط حرمان صاحب النصيب الواجب إذا أتى شيئا معينا، فيكون واجب المحكمة عندئذ أن تتحقق من سلامة هذا الشرط في ضوء المعايير المتقدمة. ومن حرم على وجه صحيح من كل نصيبه الواجب اعتبر ميتا في حياة الواقف بالنسبة إلى هذا النصيب جميعه فلا يعتبر موجودا بين الورثة أصلا. ومن حرم من بعض النصيب اعتبر موجودا بالنسبة لما لم يحرم منه وميتا في حياة الواقف بالنسبة لما حرم منه فيضم ما حرم منه إلى ما يستحقه الآخرون ويوزع الجميع عليهم بنسبة أنصبتهم. وإذا كان سبب الحرمان مما يحتمل الزوال وزال فعلا فإن حقه الواجب يعود إليه، وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 20. المادة (21) سلف البيان أن المادة العاشرة من المشروع تضمنت النص على بطلان الوقف على البنين دون البنات أو بالعكس، ونصت هذه المادة على أن البطلان المقرر بها لا يسري على الأوقاف المنشأة قبل العمل بالقانون. على أنه رغبة في محاربة هذا النوع من الوقف الذي يتضمن - على وجه الخصوص - إيثار البنين على البنات. فقد رؤى أنه بالنسبة للأوقاف الصادرة قبل تاريخ العمل بالقانون والتي نص فيها على حرمان بنات الواقف أو ذريتهم أو البنين أو ذريتهم من الاستحقاق فيها، وكان واقفوها على قيد الحياة عند العمل بالقانون، فإنه يجب أن يكون لمن حرم أو ذريته استحقاق في الوقف على الوجه المبين في الفقرة الأولى من المادة 20 على ألا يطالب أحد ممن يؤول إليه استحقاق بمقتضى هذا الحكم شيء عن المدة السابقة على العمل بهذا القانون. وهذا الحكم نص عليه المشروع في المادة 21 منه. وكان رائد المشروع في ذلك هو التوفيق بين اعتبارين هامين: - أولهما: عدم إقرار هذا النوع البغيض من الأوقاف وهو ما حدا بالمشروع إلى تقرير بطلان ما يتم منها اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون. والاعتبار الثاني: هو عدم زعزعة المراكز القانونية التي اكتسبها أصحابها نتيجة الأوقاف السابقة على تاريخ العمل بالقانون والتي تمت على فهم صحة هذه الأوقاف وسلامتها. ولذلك اقتصر المشروع - بالنسبة للأوقاف القائمة التي من هذا النوع - على الأوقاف التي يكون الواقفون فيها أحياء عند العمل بالقانون، حيث يكون من اليسير عندئذ إعادة الحق إلى من حرم منه دون إحداث تعقيدات ومشاكل يفضي إليها بطلان جميع الأوقاف القائمة حتى ولو كان واقفوها قد ماتوا منذ أمد بعيد وتعدد وتشعب المستحقون فيها. والاقتصار في علاج هذا النوع من الأوقاف على هذه الحدود يجنب المجتمع والمحاكم مشاكل عديدة ومعقدة ومتشعبة يفضى إليها تقرير بطلان جميع الأوقاف القائمة وقت العمل بهذا القانون على البنين دون البنات أو العكس. ومن الملائم الاقتصار في تقرير هذا البطلان على ما ينشأ من أوقاف اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون على أن تعالج الأوقاف القائمة التي من هذا النوع في الحدود التي قررتها المادة 21 سالفة الذكر. المادة (22) كذلك فإن المادة 22 جعلت من أصحاب الاستحقاق الواجب فرع من توفى من أولاد الواقف في حياته على أن يكون استحقاق الفرع بقدر ما كان يجب لأصله لو كان موجودا عند موت الواقف، وبقدر ما يكمله إذا كان قد أعطاه شيئا بغير عوض أقل مما يستحق. والمراد بالفرع ما يشمل الواحد أو الأكثر والذكر والأنثى، وهو متناول للفرع مهما نزل والمراد من أولاد الواقف أولاده لصلبه ذكورا كانوا أو إناثا. وقد لوحظ في هذا الحكم التنسيق بين أحكام الوقف وأحكام الوصية الواجبة التي أقرتها اللجنة العليا في مشروع قانون الأحوال الشخصية. وتجدر الإشارة إلى أن أحكام المواد 19 و20 و21 تقوم في الجملة على ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح من آثار مشهورة تحض على الاعتدال في الصدقة وترمى إلى حماية الأهل والورثة، منها قوله عليه الصلاة والسلام "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غني" وقوله لكعب بن مالك وقد أراد أن ينخلع من كل ماله صدقه: "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك". وقال في مناسبة أخرى "ينطلق أحدكم لينخلع من ماله ثم يصبر عيالا على الناس" وقال لسعد "الثلث والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس". وروى مالك والبخاري ومسلم والأوزاعي وغيرهم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" وأنه قال لمن أعطى ابنه دون سائر أولاده (أردده) (سو بينهم) (لا تشهدني على جور) (أشهد على هذا غيري) (أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء. قال بلى قال فلا إذن). وقد اختلفت أراء الفقهاء في هذه الآثار على النحو المبين في كتب الفقه، على أن الحوادث والتجارب القضائية دلت على أن إطلاق أيدي الواقفين في الوقف قد أدى إلى نتائج غير محمودة وتصرفات لا تتفق مع الهدى النبوي الكريم وتنبو عن صالح الأسر وتغرس في النفوس الحقد والضغينة، كذلك فإن من الناس من يتملكه حب الخير والعمل له أو مناصرة بعض وجوه النشاط الإنساني فيقف لتلك الجهات أمواله جميعا أو جلها غير مبال بأهله وذريته، بالإضافة إلى أن من الواقفين من يستأثر به المحبب المقرب من زوجة أو ولده فيحمله على اختصاصه هو وذريته عن طريق الوقف بجميع أمواله أو بالحظ الأوفر منها، ومنهم من يبلغ به الغضب مبلغه ساعة اضطراب نفسي أو لوشاية فيجعل كل ماله أو أكثره وقفا على غير أهله وذويه، لذلك اتجه المشروع إلى وضع الأحكام المنصوص عليها في المواد 19/ 20/ 21 رعاية للنفع العام، ومراعاة لا تساق التشريع والمقاربة بين أحكام الوصية والوقف، وهي أحكام متفقة مع روح الشريعة ومستقاه مما قرره أئمة التابعين ومن بعدهم ومما قرره الإمام ابن حزم في الوقف على بعض الأولاد، وما ذهب إليه فريق من فقهاء المالكية والشافعية في الوقف على البنين دون البنات وما ارتضاه الإمام ابن تيمية ومن تابعه من فقهاء الحنابلة فيما يتعلق بشروط الواقفين على وجه العموم. المادة (23) إذا كانت المادة 20 قد أجازت للواقف حرمان صاحب الاستحقاق الواجب من كل أو بعض الاستحقاق إذا كان هناك سبب قوي يقتضي الحرمان، فإن المادة 23 قد نصت على صورتين هامتين من صور الحرمان، أولاهما: حرمان المستحق من استحقاقه في الوقف إذا قتل الواقف قتلا يمنعه من الإرث شرعا. والثانية ما خولته المادة للزوجة من حرمان زوجها من وقفها أو اشتراط حرمانه إذا تزوج عليها في حياتها أو طلقها. وبالنسبة إلى الصورة الأولى فإن المقصود بالمستحق هو صاحب الحق في الوقف سواء كان هذا الحق قد ثبت له بعمل الواقف أو بحكم القانون وإن لم يكن الواقف قد وقف عليه وسواء آل إليه الاستحقاق بالفعل أم لم يكن قد آل إليه. وقتل المستحق للواقف يوجب حرمانه من الاستحقاق الثابت له، واجبا كان أو اختياريا. والقتل الموجب للحرمان من الاستحقاق في الوقف هو القتل الذي يقتضي حرمان القاتل من الإرث إذا فرض أن المقتول مورثه وفقا لأحكام المواريث. هذا وقد بين مشروع قانون الأحوال الشخصية أحكام القتل المانع من الإرث وأوضحت المذكرة الإيضاحية للمشروع المذكور هذه الأحكام. وتجدر الإشارة إلى أن حرمان قاتل الواقف من الاستحقاق هو حرمان واجب، ويترتب تلقائيا دون توقف على إرادة الواقف، فهو حرمان واقع حتما وأن رضى المقتول ببقاء الاستحقاق للقاتل أو كان وقفه عليه بعد الجرح القاتل وعلمه بأنه قاتله. وحرمان القاتل من الاستحقاق في وقف من قتله يجد أساسه في المذهب الحنفي إذ أن فقهاء الحنفية قرروا أن الوصية لا تجوز لقاتل الموصي، سواء كانت الوصية له بالأعيان أو بالمنافع، وقرروا أن جعل الاستحقاق في الوقف وصية بالمنافع وبالغلات وأجروا على الاستحقاق في الوقف أكثر أحكام الوصية، بل أحكام الاستحقاق في الوقف يكاد يكون مصدرها الوحيد هو أحكام الوصية والتفريع عليها، وقرروا صراحة أن الوقف في هذا يستقي أحكامه من الوصية، ومن هذا يخرج أن الموقوف عليهم موصى لهم بالمنفعة والغلة فإذا قتل الواقف كان ذلك قتلا من الموصى له للموصي فلا تجوز الوصية له. وأما الصورة الثانية: فقد عنيت المادة 23 بالنص عليها لأن المشروع رآها كافية بذاتها للحرمان ولا تخضع لتقدير المحكمة. فللمرأة أن تحرم زوجها إذا تزوج بغيرها أو تشترط في وقفها حرمانه من الاستحقاق إذا وقع هذا الزواج، ويشترط أن يحصل الزواج بغيرها وهي في عصمته وذلك يكون حال قيام الزوجية أو في عدة الطلاق الرجعي. كما لها أن تحرم زوجها إذا طلقها أي طلاق، رجعيا كان أو بائنا، أو تشترط ذلك في وقفها، وقد رؤى تخويل المرأة حق الحرمان المذكور لما فيه من المصلحة الظاهرة للزوجة الواقفة، فضلا عن أن الحرمان بسبب الطلاق يسهم في التضييق من وقوعه وهو أبغض الحلال إلى الله. المادة (24) نصت الفقرة الأولى من هذه المادة على أنه إذا كان الوقف على الذرية مرتب الطبقات فلا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه، كما قضت بعدم نقض قسمة ريع الوقف بانقراض أي طبقة ويستمر ما آل للفرع متنقلا في فروعه إلا إذا أدى عدم نقضها إلى حرمان أحد من الموقوف عليهم. وقد أطلق لفظ الذرية في النص ليشمل ذرية الموقوف عليهم سواء كانوا ذرية الواقف أم غيره، ومقتضى قاعدة عدم الحجب الواردة بالنص المذكور أنه إذا كان الوقف مرتب الطبقات فلا يمنع أحد من طبقة سابقة من طبقات الموقوف عليهم أحد من طبقة لاحقة من تناول الاستحقاق الفعلي في غلات الوقف ومنافعه إذا لم يكن اللاحق فرعا للسابق. أما إذا كان فرعه فإن حجبه له أمر مقرر بمقتضى الترتيب الذي شرطه الواقف ولم ير المشروع أن ثمة ما يدعو إلى النص عليه. وما يستحقه الميت يكون لولده، والمراد منه المستحق بالفعل سواء أكان أصليا أم آل إليه من استحقاق موقوف عليهم آخرين. وما نصت عليه هذه الفقرة من عدم نقض قسمة ريع الوقف رؤى أن هذا الحكم هو الأقرب إلى روح الشريعة في قسمة الميراث وهو الملائم لما أخذ به المشروع من جواز قسمة أعيان الوقف لأن عدم نقض القسمة في الريع يدعو إلى الاستقرار في شأن الوقف وأعيانه ويكون حافزا لمن اختصوا بنصيب منه على أن يعملوا على إصلاحه وتنميته شأن المالك في ملكه. ومبنى قاعدة عدم الحجب المنصوص عليها في الفقرة الأولى هو أحد القولين في مذهب المالكية وأحد القولين كذلك في مذهب الحنابلة فقد ذهب ابن رشد المالكي إلى أنه إذا رتب الواقف وأطلق كان الترتيب افراديا بمعنى أن الفروع لا يدخلون في الاستحقاق مع أصولهم ولا يشاركونهم أما من يموت فإن حظه يكون لولده، وقال الحطاب أن ما ذهب إليه ابن رشد هو الذي يؤخذ من كلام خليل في المختصر وأن شمس الدين اللقاني أفتى به وأن هذا هو الصحيح المعول عليه، وقال تقي الدين ابن تيمية في الفتاوي أن القول بأن الترتيب ترتيب أفراد على أفراد هو أقوى القولين في مذهب الحنابلة، وقال في الاختيارات أنه أظهر الوجهين، كذلك فإن مبنى قاعدة عدم نقض قسمة ريع الوقف هو الأخذ برأي بعض المالكية والحنابلة الذين ذهبوا إلى عدم نقض قسمة ريع الوقف بانقراض الطبقة العليا من مستحقيه واستمرار ما آل للفرع عن أصله أو غيره من المستحقين متنقلا في فروعه على ألا يحجب أصل فرع غيره ويستحق فرع من مات ما استحقه أصله أو كان أصله يستحقه. ويلاحظ أن انتقال نصيب من مات إلى فرعه يكون طبق شرط الواقف فإن نص على التسوية بين الذكر والأنثى عمل به، وأن نص على أن للذكر مثل حظ الأنثيين عمل به أما إن سكت كان بالتساوي إلا في أنصبة ذوي الاستحقاق الواجب حيث لا يكون السكوت فيها دليل التساوي لما نص عليه المشروع من اتباع أحكام المواريث في قسمة الغلة. كذلك فإن مؤدى الفقرة المشار إليها أنه إذا ترتب على عدم نقض قسمة ريع الوقف حرمان أحد من الموقوف عليهم فإنه يجب نقضها، فلو جعل الواقف وقفه على أولاده وأولاد أولاده وذريته وجعله مرتب الطبقات وكان له حين الوقف أولاد لصلبه وأولاد أولاد مات أصولهم قبل الوقف فمتى مات أولاده لصلبه وجب نقض القسمة في الريع وقسمته بين جميع أولاد الأولاد لأنه لو انتقل نصيب كل أصل لفرعه ما استحق أولاد من مات قبل الوقف شيئا. ونصت الفقرة الثانية من المادة 24 على أنه إذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلى غلة الحصة التي كان يستحق فيها، وهذا الحكم يجد أساسه في المذهب المالكي تفاديا من القول بالانقطاع الذي لا يتفق مع أغراض الواقفين، ومعنى عودة النصيب إلى الحصة أن تعتبر زيادة في غلتها وتقسم قسمتها. فإذا انقرض مستحقو الحصة جميعهم عاد الاستحقاق إلى أقرب الطبقات وإلا عاد لأصل الوقف. ما لم يكن للواقف نص فيتبع تحقيقا لإرادته في الإعطاء. المادة (25) قد يشترط الواقف، في الوقف المرتب الطبقات أيلولة نصيب من يموت عن غير ولد لأخوته أو أخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له أخوة ولا أخوات فلأهل طبقته فإن لم يكن في طبقته أحد فلأقرب الطبقات إلى المتوفى من أهل هذا الوقف وقد تختلف الآراء في المراد من الطبقة وهل هي الطبقة الخاصة أو المراد منها ما يعم المستحقين من درجة واحدة من جميع أهل الوقف وفي جميع الحصص، وحسما لذلك ومنعا من الاختلاف أختار المشروع الفهم الأول ونص عليه في الفقرة الأولى من المادة (25). وقد واجهت الفقرة الثانية من هذه المادة حالة عدم وجود أحد في طبقة من الطبقات حيث قضت بصرف الريع في هذه الحالة إلى الطبقة التي تليها إلى أن يوجد أحد من أهل تلك الطبقة فيعود الاستحقاق إليها. والمراد من عدم الوجود ما يتناول عدم الوجود من الأصل والانقراض بعد الوجود أو الوجود مع عدم الاستحقاق. المادة (26) من الواقفين من يجعل استحقاق وقفه لذريته ويشترط في وقفه خيرات ومرتبات دائمة تصرف سنويا أو مشاهرة من غلة الوقف ومنهم من لا يعرض لذلك، وقد تستغرق المرتبات الجزء الأكبر من غلة الوقف فيقع الحيف على المستحقين وهم أصحاب الشأن الأول في الوقف مما يتعارض مع مقاصد الواقفين عادة، لذلك نصت المادة 26 على أنه إذا جعل الواقف غلة وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات فيها قسمت الغلة بالمحاصة بين الموقوف عليهم وذوي المرتبات بالنسبة بين المرتبات وباقي الغلة وقت الوقف إن علمت الغلة وقته، وأن لم تعلم وقت الوقف قسمت الغلة بين أصحاب المرتبات والموقوف عليهم على اعتبار أن للموقوف عليهم كل الغلة ولأصحاب المرتبات حصة بقدر مرتباتهم، على ألا تزيد المرتبات في الحالتين على ما شرطه الواقف، وتنقص المرتبات بنسبة ما ينقص من أعيان الوقف. وقد انتهج المشروع هذا المنهج حفاظا على مصلحة أصحاب الشأن الأصليين في الوقف وعملا بأقوال في مذهب الحنفية والشافعية. والمقصود من عبارة "بعض الموقوف عليهم" الوارد بالنص ما يشمل الأشخاص والجهات ومن كلمة "غيرهم" ما يشمل ذلك أيضا، كأن يشترط الواقف صرف مبلغ معين بصفة مرتب لشخص ثم لذريته من بعده أو يشترط صرف ذلك في مصالح المساجد أبدا أو طول المدة التي أقت بها الوقف. فإذا شرط الواقف أن تصرف من غلة وقفه خيرات ومرتبات وما فضل منها يكون للموقوف عليهم، أو جعل الغلة للموقوف عليهم وشرط أن يصرف منها خيرات ومرتبات مع النص على البدء بها أو عدمه، وكان قدر الغلة وقت صدور الوقف معروفا، نظر إلى نسبة المرتبات إلى هذه الغلة وتقسم غلة كل سنة على أساسها، شريطة ألا يستحق أصحاب المرتبات في أي سنة أكثر مما شرط لهم، أما إذا لم تعلم الغلة وقت صدور الوقف قسم صافي الريع في كل سنة على أساس أن جميع الغلة للموقوف عليهم وأن لأصحاب المرتبات سهما بقدر نسبة المرتبات إلى الغلة جميعها زائدا عليها قدر المرتبات، وإذا زادت حصة المرتبات على هذا الأساس في سنة على القدر المشروط لا يستحق أصحابها إلا ما شرط لهم. على أنه إذا نقصت أعيان الوقف، فإنه يتعين أن تنقص المرتبات بنسبة نقص هذه الأعيان وهذا هو ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة رعاية للموقوف عليهم الأصليين، لأنه إذا ظلت أنصبة أصحاب المرتبات كما هي رغم نقض أعيان الوقف، لترتب على ذلك الانتقاص من أنصبة الموقوف عليهم الأصليين أو استغراقها كلية، وهذا ما يتعارض مع مقصود الواقفين لذلك فإن النص المذكور يحقق العدالة إذ يرعى مصلحة الموقوف عليهم وفي ذات الوقت لا يمس حق أصحاب المرتبات إلا بنسبة ما طرأ على أعيان الوقف من نقص. المادة (27) أجازت المادة 27 من المشروع لكل مستحق أن يطلب فرز حصته في الوقف إذا كان قابلا للقسمة ولم يحصل منها ضرر للوقف أو مستحقيه كما اعتبرت المادة المذكورة الناظر على الحصة الخيرية في حكم أحد المستحقين إذا طلبوا القسمة. والمشروع إذ قرر ذلك إنما أخذ بأنسب الحلول لإنقاذ الأوقاف من الإهمال والتعطيل بسبب عدم القسمة وكثرة الشركاء. كما دفع المشروع بذلك الضرر والجور الذي قد يلحق المستحقين من بعض النظار على الأوقاف. وقد أحسن المشروع صنعا حيث قيد جواز القسمة بثلاثة شروط: 1- أن تكون العين قابلة للقسمة، أما إذا كانت غير قابلة لها بأن ترتب على ذلك عدم الانتفاع بعدها انتفاعا مفيدا فإنها لا تجوز. 2- ألا يترتب عليها ضرر بين بعين الوقف أو مستحقيه. فإذا كان الموقوف مثلا عمارة إذا قسمت نشأ عن قسمتها ضعف الانتفاع بها لدرجة يكون فيها الغبن بينا فإن القسمة لا تجوز وكأرض يترتب على قسمتها الحرمان من طرق الري. 3- أن تحصل القسمة بواسطة المحكمة الشرعية وتحت إشرافها دفعا لما قد يحصل من جور أو ضرر. وبذلك أخذ المشروع بالأنسب والأصلح للوقف ومستحقيه. المادة (28) بينت المادة 28 من المشروع كيفية القسمة فيما إذا كان في الوقف مرتبات أو خيرات دائمة معينة المقدار أو في حكم المعينة كنفقة كفاية الفقير مثلا وإصلاح المسجد وعمارته فإن القسمة والحالة هذه تكون من المحكمة الشرعية بفرز حصة تضمن غلتها استمرار ما يستحقه أرباب هذه المرتبات من الوقف كأصحاب سهام فيه. وتقدر تلك الحصة المفرزة على أساس متوسط غلة الوقف في السنوات الخمس الأخيرة ولا ينظر إلى غلات السنين التي تحصل فيها أزمات اقتصادية ولا التي يحصل فيها ارتفاع عظيم للحاصلات والمنتجات والأجور بسبب طارئ كالحروب، ومتى فرزت الحصة على هذا الأساس بقيت لأصحاب المرتبات مرتباتهم زادت غلتها أو نقصت وذلك كي تستقر الأمور وتقل المنازعات. أما الخيرات والمرتبات غير الدائمة كالمرتب الذي يوقف على شخص يعينه مدة تعليمه مثلا والذي يجعل لبناء مسجد معين أو لإتمام بنائه فلا تفرز له حصة من أعيان الوقف عند القسمة بل يتبع في صرفها توزيعها بين الموقوف عليهم بالنسبة التي يجب أن يؤديها كل صاحب نصيب حسب ما تراه المحكمة الشرعية. كل ذلك فيما إذا كان الواقف ميتا أو كان حيا ورضي بالقسمة فإن لم يرض بها فلا تجوز أخذا بمذهب الحنفية الذي يعطي للواقف حق الرجوع في الوقف فضلا عن منع القسمة - على أن جواز قسمة أعيان الوقف بين الموقوف عليهم هو أحد قولين في مذهب الإمام أحمد بناء على أن الأعيان الموقوفة مملوكة للموقوف عليهم لا للواقف. المادة (29) نظرا لأن أموال الوقف عرضة للضياع ومحل للأطماع وقل أن يوجد من الأفراد من يحميها من الاغتيال لوجه الله وحده بل دلت الحوادث على أن كثيرا من الأفراد الذين عهد إليهم بإدارة الأوقاف لم يقوموا بواجبهم على الوجه الأتم ومنهم من لم يخش الله في حقوق الضعفاء فامتدت يده إلى تلك الأموال بقصد الاستيلاء وتملكها طمعا في المال وحبا في الثراء. لذلك قطع المشروع الأطماع فنص في المادة 29 على أن أعيان الوقف وأمواله لا يجوز تملكها ولا اكتساب أي حق عيني عليها بأي حال من الأحوال ومهما طالت المدة وتقادم الزمن وفي ذلك سد لباب كثيرا ما دخل منه أهل الطمع إلى أموال الوقف وأكلوها بالباطل بحجة الحوز. وهذا النص مقتضاه عدم تطبيق القاعدة العامة في القانون المدني والتي وردت في المادة 972 وتبيح اكتساب ملكية العقار أو المنقول إذا حازه الشخص خمسة عشر عاما. وكذلك لا يطبق بشأن أعيان الوقف ما ورد في المادة 974 مدني والتي تنص على جواز اكتساب ملكية العين الموقوفة بالتقادم الذي حددت مدته بثلاث وثلاثين سنة. ورغبة في حسم النزاع وإزالة الضرر في أقصر مدة مع عدم الإخلال بحقوق الوقف والمستحقين نص المشروع على جواز إزالة التعدي والغصب الواقع على الوقف بالطرق الإدارية دون رجوع إلى القضاء حيث كان في ذلك مصلحة للوقف أو للمستحقين على أن ذلك لا يخل بما قد يترتب لجهة الوقف من الحقوق والتعويضات وإزالة التعدي بالطريق الإداري يوفر سرعة حماية أعيان الوقف وإمكان إيقاف التعدي عليها فور صدوره بدلا من الالتزام بطريق التقاضي الذي قد يطول أمده مع قيام التعدي واستمرار أضراره على الوقف. والإزالة بالطريق الإداري لا تمنع الالتجاء إلى القضاء بعد ذلك طبقا للقاعدة العامة. المادة (30) تضمت المادة 30 من المشروع حكم من تعدى على الوقف بالهدم أو الإزالة فالزمته بإعادة الوقف إلى الحالة التي كان عليها قبل الهدم أو الإزالة إذا أمكن ذلك ولا يجوز أخذ القيمة في هذه الحالة لما فيه من شبهة البيع فإن تعذرت الإعادة ألزم المتعدي بالتعويض عن النقص والضرر كما يلزم بدفع قيمة ما أتلفه وتشتري بالقيمة المستحقة عين أخرى تكون وقفا ولا فرق في ذلك بين العقار وغيره، وأساس هذه الأحكام مذهب المالكية. المادة (31) كما تضمنت المادة 31 من المشروع حكم البناء والغرس في أرض الوقف وقد فصلت ذلك على الوجه التالي: المحبس عليه إذا بني أو غرس في أرض الوقف فإن تبين أن البناء أو الغرس وقف أو ملك له عمل بقوله.، وإن مات ولم يبين حكم ما بناه أو غرسه كان وقفا قل ذلك أو أكثر. أما غرس الأجنبي وبناؤه في الوقف فلا يكون وقفا إلا إذا حبسه أو كان الوقف محتاجا إليه، وتوفي القيمة في هذه الحالة من غلة ما بناه أو غرسه قائما ويكون بمنزلة بناء وغرس الناظر فإن لم يحبسه وكان الوقف غير محتاج إليه كان البناء أو الغرس ملكا له وله نقضه أو قيمته منقوضا إذا كان في الوقف ما يدفع منه، وجميع هذه الأحكام التي اشتملت عليها المادة مستمدة من مذهب المالكية. المادتان (32 - 33) نظرا لما للوقف من الأهمية البالغة التي تدعو إلى تنظيمه وإدارة أمواله فقد نص المشروع على بعض اختصاص الهيئة العامة للأوقاف في المادة (31) بشأن النظر على بعض الأوقاف فحدد الأوقاف والأموال التي تختص الهيئة بالإشراف عليها وذلك لما لها من الأهمية وصبغة النفع العام. وهذه الأوقاف هي: - 1- الأوقاف التي يصرف جميع ريعها على المساجد أو غيرها من الجهات الخيرية أو جهات البر والنفع العام سواء كان ذلك ابتداء أو آل إليها. 2- الأوقاف التي لا يعلم لها جهة استحقاق. 3- الأوقاف التي يصرف ريعها على جهة خيرية أو جهة من الجهات البر والنفع العام وما زاد عن حاجتها يكون لمستحقين آخرين. 4- الأوقاف التي يصرف ريع حصة شائعة فيها أو عين معينة بالذات في جهات الخيرات وذلك بالنسبة إلى تلك الحصة أو العين. 5- الأوقاف التي شرط النظر عليها لأية جهة حكومية أو لصاحب مذهب أو وظيفة عامة بصفته هذه. 6- الأوقاف التي تعين الحكومة حارسا قضائيا عليها أو التي توكل في إدارتها من قبل من له حق التوكيل شرعا. وذلك حيث لم يكن الناظر على هذه الأوقاف هو الواقف نفسه ولم يكن لها ناظر بمقتضى شرط الواقف وإلا قدم هؤلاء على الهيئة العامة لتقديم الخاص على العام. وفي المادة 33 نص المشروع على توحيد الجهات المختصة بالإشراف والنظر على بعض الأوقاف تيسيرا وتسهيلا لضبطها وإدارة أموالها فجعلها هيئة واحدة تشرف وتدير الأوقاف آنفة الذكر بدلا من تعدد الجهات وتنازع القوانين في البلد الواحد إذ أن الزوايا الإسلامية لها قانون خاص لينظمها ومصلحة الأوقاف ببنغازي لها نظام تسير بمقتضاه وإدارة الأوقاف بطرابلس تخضع لقانون يغاير ما عداه مع اتحاد الوقف والهدف في الموضوعات الثلاث وهذا ما حمل المشروع على توحيد جهات الاختصاص. المادة (34) وفي المادة 34 حدد المشروع - مع مراعاة حكم المادتين 32، 33 الطبقات التي تتولى نظارة الأوقاف الخيرية حسب الترتيب المنطقي القويم فجعل في الدرجة الأولى من شرط له الواقف النظر على وقفه حيث توفرت فيه شروط أهلية النظر وبذلك يمكن الجمع بين حفظ الوقف واحترام إرادة الواقف لأنه صاحب الوقف وأحرص الناس على بقائه وصرف ريعه في المصارف التي عينها فإذا أختار لذلك ناظر كان خير من يرجى لتحقيق أغراضه وإرادته. وجعل في الدرجة الثانية من يصلح للنظر من ذرية الواقف وأقاربه لما لهم من صلة قوية بالوقف والواقف وفي رقابة بعضهم على بعض ما يكفل تنفيذ شروط الواقف بكل دقة وأحكام مع عدم إحراج أسرة الواقف بإعطاء النظر لغيرها وكثرة التكاليف التي لا فائدة من ورائها للوقف والواقف. وجعل في المرتبة الثالثة النظر للهيئة العامة للأوقاف لما لها من وسائل الإدارة والاستغلال التي قل أن تتوافر لغيرها من الأفراد ومال الواقف على جهات البر بمثابة الأموال العامة للدولة يجب أن تتولى إدارته والإشراف عليه هيئة متخصصة لها من الصفات ما يؤهلها للإشراف والنظر بحيث يحفظ وينفق في الأغراض التي وقف من أجلها. هذا والغرض الأساسي الذي روعي في هذا الحصر والترتيب هو مصلحة وجهة الاستحقاق فالذي اختاره الواقف أدنى إلى المصلحة وأقرب إلى تحقيق أغراض الواقف من الذرية والأقارب وهم أدرى بذلك وأقرب إلى الواقف من الهيئة العامة للأوقاف وهي أفضل بعد ذلك من يتولى للإنفاق والصرف على جهات البر والخير. المادة (35) نصت المادة 35 من المشروع على أنه إذا قسمت المحكمة الوقف أو كان لمستحق نصيب مفرز فإنه يجب عليها إقامة كل مستحق ناظرا على حصته إذا كان أهلا للنظر عليها أما إذا لم يكن أهلا لذلك فإن المحكمة لا تقيمه بل يجب أن تتجه في هذه الحال إلى من له الولاية على ماله وإلى أشد الناس اتصالا به وأحرصهم على نفعه ومتى أصبح المستحق أهلا للنظر أقامته المحكمة ولو خالف ذلك شرط الواقف عملا بالتحقيق من مذهب الحنفية. أما إذا كانت الحصة مشتركة لعدة مستحقين فإن الواجب على المحكمة أن تولي أصلحهم للنظر على هذه الحصة. فإذا لم توجد حصص مفرزة من الواقف ولم يقسم الوقف أما لأن القسمة لم تطلب وإما لأنها غير جائزة واحتاج الأمر إلى إقامة ناظر على الوقف وجب على المحكمة أن تولي عليه ناظرا واحدا إلا إذا تعينت المصلحة في غير ذلك. ولا يجوز للمحكمة أن تولي ناظرا أجنبيا على الوقف متى كان في المستحقين من يصلح للنظر وإذا اقتضت الضرورة تعيين أجنبي عن المستحقين كانت إقامة مؤقتة وأن لم ينص على ذلك قرار الإقامة. فإذا وجد في المستحقين للوقف من يصلح للنظر إقامته المحكمة وانتهت ولاية الأجنبي متى وجد من المستحقين من يصلح لها. كما يجب عند اختيار الناظر أن يكون الرأي للمستحقين في غير حالات الضرورة المقام الأول سواء كانت الإقامة من بينهم أو من جانب الأجانب وعلى المحكمة أن تختار ممثل عديم الأهلية أو ناقصها أو الغائب مقامه في الاختيار على أن المشروع لم يفته الاحتياط حيث اشترط في إقامة من اختاره أصحاب النصيب الأكبر في الاستحقاق ألا يتعارض ذلك مع مصلحة الوقف. وقد وكل إلى المحكمة تدبير ذلك وهي أقدر على تعرف المصلحة. المادة (36) نصت المادة 36 على عدم جواز إقرار الناظر لغيره بالنظر على الوقف ويرى الأحناف أن الناظر على الوقف بشرط الواقف إذا أقر بالنظر عليه لغيره دونه أو بأنه ناظر عليه يشترك معه في إدارته عمل بإقراره هذا ما دام حيا وإن خالف ما جاء بكتاب الوقف. إلا أن الحوادث دلت على اتخاذ النظار الإقرار بالنظر لغيرهم وسيلة للفرار من دعاوي العزل، أو لربح مال غير مشروع، أو للإضرار بالمستحقين وتسليط من لا يرغبونه عليهم. إلى غير ذلك من المقاصد غير المشروعة، لهذا رؤى الأخذ في المشروع ببطلان إقرار الناظر لغيره بالنظر وهو قول الحنابلة وهو أيضا رأي للمتأخرين من الأحناف، ومتى كان هذا الإقرار باطلا فلا يعامل به المقر ولا يستفيد منه المقر له وبذلك يبقى المقر ناظرا على الوقف. المادة (37) ونصت المادة37 في فقرتها الأولى على اعتبار الناظر أمينا على مال الوقف ووكيلا عن المستحقين، ولا خلاف في كون الناظر أمينا، إلا أن الفقهاء اختلفوا في اعتباره وكيلا عن المستحقين، وقد قطع المشروع هذا اللبس ونص على اعتباره وكيلا، فإذا بدد مال الوقف عومل قانونا معاملة الوكيل الذي يبدد مال موكله ولا يقبل قوله في الصرف أو تسليم الغلة إلى المستحقين إلا بسند (أي دليل كتابي) عدا المسائل التي جرى العرف على عدم أخذ سند بها وقد روعي في ذلك التيسير على الناظر في إدارة الوقف مع حفظ حق المستحق إذ العرف في الغالب يجرى على عدم أخذ السند عند قلة المبلغ الذي يصرف أو عند الضرورة لصرفه. كما نصت المادة في فقرتها الثالثة على أن الناظر إذا قصر نحو أعيان الوقف أو غلاته كان ضامنا لما ينشأ عن تقصيره الجسيم إلا إذا كان يعمل في الوقف بأجر فإنه يكون مسئولا عن تقصيره مطلقا جسيما كان أو يسيرا. المادة (38) وأجازت المادة 38 من مشروع القانون للناظر أن يستدين على الوقف إذا أحتاج إلى ذلك لإدارة الوقف من طريق الالتزامات العادية، وذلك ليتمكن الناظر من إدارة الوقف وتيسير سبل استغلاله بالوسائل العادية، ومنعا لتعرضه للمساءلة والعزل إذا وقع في ذلك. غير أن من النظار من يتخذ أمر الاستدانة على الوقف وسيلة للإضرار بالمستحقين وتهديد لهم في أموالهم باستغراق الريع بحجة العمارة والحاجة إليها ولذلك قيد النص الناظر باستئذان المحكمة بالاستدانة في غير الأحوال العادية، ليكون في ذلك الضمان والاطمئنان إلى حسن إدارة الوقف وتوفير المصلحة للمستحقين. المادة (39) وأوجبت المادة 39 تأجير أعيان الوقف بإيجار المثل وقت العقد لأنها القاعدة الشرعية في موضوع الإجارة بل في المعاملات المالية كلها والتي لا ضرر فيها على الوقف ولا على المستأجر والتي يجرى التعامل بين الناس على أساسها وإلا فسخ العقد إلا إذا قبل المستأجر دفع أجر المثل أو كان قد روعي في ذلك مصلحة الوقف. المادة (40) ولما كانت الأوقاف الخيرية وأموالها أشبه بالأموال العامة للدولة لأن مصرفها جهات عامة كان من شأن الدولة أن تقوم بالإنفاق عليها ورعايتها وكانت الهيئة العامة للأوقاف هيئة ذات نفع عام نظمه قانون من قوانين الدولة وهي ناظرة بالفعل على أهم وأكثر الأوقاف الخيرية وتتوفر لديها الأجهزة والوسائل التي تمكنها من رعاية شئون هذه الأوقاف وصرف ريعها في مصارفها المخصصة لها. لما كان الأمر كذلك رؤى - أن يجعل لها الإشراف على نظار الأوقاف الخيرية التي لم تشمل بنظارتها من جهة الحساب فنصت المادة 40 من مشروع القانون على أن على الناظر على الوقف الخيري أن يقدم كشف حساب مؤيدا بالمستندات سنويا عن الوقف المشمول بنظارته إلى الهيئة وينيط بالهيئة رفع أمر الناظر للمحكمة إذا ظهر لها من مراجعة كشف الحساب أن هناك من التقصير وسوء الإدارة ما يقتضي ذلك. المادة (41) ولما كانت الأحكام الشرعية القائمة والمعمول بها الآن في مسائل الأوقاف لا تحدد عقوبات لناظر الوقف إذا كلف بتقديم الحساب أو القيام بأمر يتعلق به بناء على طلب المستحق أو من تلقاء نفس المحكمة ولم يفعل وقد دلت الحوادث وبرهن العمل على أن من أهم الأمور التي تثير الخصومة بين الناظر والمستحقين - حساب الوقف - وقلما تخلو قضية عزل من هذا الحساب وعندما يكلف الناظر بتقديم حساب الوقف مؤيدا بالمستندات يماطل ويسوف رغبة في كسب الوقت وأعناب المستحقين وتنصلا من حكم القضاء. لهذا أختار المشروع في المادة 41 وجوب مؤاخذة الناظر ماليا على امتناعه مع نوع من الشدة لحمله على تقديم الحساب وإطاعة أمر المحكمة، وأجازت إعفاءه مما أوخذ به أو من بعضه إذا نفذ ما كلف به وأبدى عذرا مقبولا. وأعطى النص للمحكمة حق النظر في عزل الناظر إذا رأت ما يقتضي ذلك، وجعل لها الحق في إقامة ناظر مؤقت بعد أن تتبين دفاع الناظر رعاية لجهة الوقف ومصلحة المستحقين وحق المحكمة في ذلك مقرر بمقتضى حكم الفقه كلما رأت أن الأمر يتطلبه ويقتضيه، خصوصا إذا رأت أن إجراءات التقاضي في دعوى العزل قد يطول مداها. المادة (42) ونصت المادة 42 على أحكام عمارة الوقف وذلك لإصلاح فاسد أعيان الوقف ومتخربها وصيانة عامرها وحفظه من أن يلحقه الخراب ومنعه من التغيير عن الحال التي وقف عليها، وزيادة ما يحتاج إليه في استغلالها الغلة التي تطلب من مثلها أو ما في مستزاد من غلاتها فإذا كان الموقوف أرضا فمن عمارتها كسح ما فيها من سبخة، وتسميدها، وحفر سواقيها وإصلاح طرقها إلى غير ذلك. وإذا كانت الأعيان شجرا أو نخيلا كان من عمارتها سقيها وتقليمها، وإذا كانت الأعيان دورا فمن عمارتها ما يصونها ويحفظها من الخراب لتجصيص حيطانها وتسوية ما مال من حوائطها والعمارة أوجبها القانون شرطها الواقف أو لم يشترطها لأنها إن لم تكن مشروطة نصا فهي مشروطة اقتضاء لأن مقصود الواقف إدرار الغلة مؤبدا وهذا المقصود إنما يحصل بصلاحها أو عمارتها. وعني القانون لذلك بالأعيان الموقوفة والعمل على استدامتها عامرة بالقدر المستطاع وقد اتخذ للأمر وسيلة احتجاز احتياطي من الريع. وقدر القانون نسبة ثابتة سنويا وقدرها 4% تحتجز من صافي ريع المباني يخصص للعمارة والواجب على الناظر أن يحتجز هذا القدر كل سنه وإن كانت الغلة تحدث كل شهر أو لمدة أقل من سنة فالواجب أن يكون هذا القدر في يده في نهاية كل عام والمقصود بالمباني الدور والحوانيت والحانات وأشباها ويستوي في ذلك أن يكون الموقوف هو البناء فقط أو أن يكون موقوفا هو والأرض فالريع المحتجز هو ريع الجميع. ويخصص القدر المحتجز لعمارة المباني التي احتجز من ريعها خاصة فلا يجوز صرفه في عمارة الأعيان الأخرى الموقوفة. ولم كان احتجاز هذا القدر لمصلحة الوقف فقد عامله الشارع بما يجرى عليه العمل في أموال البدل على وجه العموم المنصوص عليها في المادة 15 من القانون، فأوجب على الناظر إيداعه خزانة المحكمة أو خزانة الهيئة العامة للأوقاف. ولم يشأ الشارع أن يبقى المال المودع معطلا فأجاز استغلاله إلى أن يحين وقت الحاجة إليه وصرفه فيما يخصص له. وقد نص المشروع على أنه لا يحتجز من صافي ريع الأراضي الزراعية إلا ما تأذن به المحكمة، لأنه ليس ثمة ما يدعو إلى حجز هذا القدر كل سنة من ريعها، إذ لا تحيط بها الظروف والملابسات التي تحيط بالموقوفات المبنية، وهي في الأعم الأغلب لا تحتاج إلى التعهد بالعمارة المبينة في هذه المادة كل عام فإذا كان منها ما يحتاج إلى إصلاح أو كانت محتاجة إلى إنشاء أو تجديد المباني والآلات اللازمة لإدارتها وكان هذا الإنشاء أو التجديد مما يدخل في باب العمارة وجب إذ ذاك رفع الأمر إلى المحكمة. وأبيح للناظر ولكل ذي شأن أن يرفع الأمر إلى المحكمة لإلغاء الأمر بالحجز أو تعديله بالزيادة أو النقص متى كانت هناك مصلحة تدعو إلى ذلك. وهذه الأحكام جميعها لا تطبق إذا كان للواقف شرط يخالفها، وهذا طبعا لا يمس ما للمحكمة من سلطة مخالفة شروط الواقفين متى رأت مصلحة في ذلك لهذا نص مشروع القانون صراحة على هذا القيد في نهاية الفقرة الأخيرة من المادة 42. المادة (43) وعالجت المادة 43 أحكام العمارة التي تزيد قيمتها على ما حجز للعمارة أو على خمس فاضل غلة الوقف في سنة ولم يرض المستحقون بتقديم العمارة على الصرف إليهم، شرط الواقف تقديم العمارة أو لم يشترط في وقفه، فأوجبت على الناظر عرض الأمر على المحكمة لتبحثه وتأمر بما ترى صرفه من الغلة للقيام بالعمارة أو تأمر بإنفاق الريع جميعه في العمارة أو لتأمر باستخدام الاحتياطي، وقصد القانون منع التحكم والاستبداد من جانب بعض النظار والقضاء على طرق الاحتيال والتوفيق بين مصالح الوقف ومستحقيه. كما أجازت بيع بعض أعيان الوقف لعمارة باقية إذا لم يكن هناك ما يعمر به بدون رجوع في غلته حتى رأت المصلحة في ذلك وقد روي أبو الفرج عن مالك أن رأى الإمام بيع العقار الموقوف لمصلحة جائز وجعل في مثله - وقال البصري الشافعي لا يبعد القول بالجواز في النقص عند احتمال ضياعه فيباع منه بقدر ما يعمر باقية وإن كان قليلا. وأيضا قال الحنابلة في كشاف القناع وشرح المنتهى أنه يصح بيع بعض الوقف لإصلاح ما بقي. المادة (44) ونصت المادة 44 على أنه من تاريخ العمل بهذا القانون لا يجوز لناظر الوقف أو الهيئة العامة للأوقاف أن يلجأ إلى تصرف يرتب على أعيان الوقف أو على شيء منها خلوا أو حكرا لمصلحة الغير أو حالة الإجارتين. والحكمة التي دعت إلى إقرار هذا النص هو وجود خلوات وأحكار وحالات إجارتين مرتبة على كثير من أعيان الأوقاف في مناطق ذات صقع مرتفع ولا تبلغ إيجارتها السنوية إلا عدة دراهم مما يؤثر كثيرا على مصارف الوقف. ولما كان إنشاء خلوات بالحكر أو بالإجارتين سببه تخرب أعيان الوقف والعمل على تعميرها، والدولة الآن تقوم بنشر العمران كما أن نصوص المواد السابقة عالجت حالات التعمير فضلا عن الرغبة في الحد من تلك الظاهرة التي تشكل أكبر ضرر على الأوقاف الخيرية لهذا رأى المشروع النص على عدم تقريرها مستقبلا حتى لا يتفاقم شرها وضررها. المادة (45) ونصت المادة 45 على إعفاء الأوقاف الخيرية من كافة الضرائب والرسوم وكذا إعفاء الاشهادات المتعلقة بالوقف الخيري، وذلك لأن مصارف هذه الأوقاف على المساجد وعلى جهات البر العام مما يدعو إلى تقرير هذا الامتياز، وكذلك التشجيع على إنشاء هذه الأوقاف الخيرية التي تمثل في الحقيقة رفعا عن كاهل الدولة في الصرف على هذه المرافق. المادة (46) وألزمت المادة 46 المحاكم الشرعية بأن ترسل للهيئة العامة للأوقاف صورا من كافة إشهادات الأوقاف بدون رسوم حتى تستطيع الهيئة تسجيل هذه الأوقاف ومتابعتها ومراقبة نظارها للتأكد من تنفيذ شروط الواقفين على الوجه المطلوب شرعا. المادة (47) وباعتبار أن المذهب المالكي هو السائد والمعمول به في الجمهورية العربية الليبية من زمن طويل وقد ألف الناس التعبد والتعامل على أساس أحكامه كما ألف القضاء الحكم بتلك الأحكام وتطبيقها فيما يعرض من الخصومات فقد نصت المادة 47 على أن يعمل فيما لم يرد بشأنه نص في هذا المشروع بالمشهور فالراجح من مذهب الإمام مالك.
المادة () : باسم الشعب, مجلس قيادة الثورة, نزولاً على أحكام الشريعة الإسلامية الغراء, واستجابة لرغبة الشعب العربي المسلم في الجمهورية العربية الليبية, وتأكيداً لما تقضى به المادة السادسة من دستور اتحاد الجمهوريات العربية وبعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 2 شوال سنة 1389هـ الموافق 11 ديسمبر سنة 1969م, وعلى قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 9 رمضان سنة 1391هـ الموافق 28 أكتوبر سنة 1971م بتشكيل لجان لمراجعة التشريعات وتعديلها بما يتفق مع المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية, وعلى القانون المدني الصادر في 21 ربيع الأول سنة 1373هـ الموافق 28 نوفمبر سنة 1953م, وعلى القانون رقم 29 لسنة 1962م بإصدار قانون نظام القضاء والقوانين المعدلة له, وعلى القانون رقم 10 لسنة 1971م بإنشاء هيئة عامة للأوقاف والقوانين المعدلة له, وعلى ما انتهت إليه اللجنة العليا لمراجعة التشريعات وفقاً لقرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 9 رمضان سنة 1391هـ الموافق 28 أكتوبر 1971م المشار إليه, وبناء على ما عرضه وزير العدل وموافقة رأي مجلس الوزراء, أصدر القانون الآتي
المادة (1) : الوقف هو حبس العين وجعل غلتها أو منفعتها لمن وقفت عليه.
المادة (2) : من تاريخ العمل بهذا القانون لا يصح الوقف ولا التغيير في مصارفه وشروطه ولا الحرمان من الاستحقاق فيه ولا الاستبدال به إلا إذا صدر بذلك إشهاد ممن يملكه لدى إحدى المحاكم الشرعية في الجمهورية العربية الليبية على الوجه المبين في المادة الثالثة وضبط بدفتر المحكمة. ويتم الوقف بالإشهاد دون توقف على الحوز. ويثبت الوقف فيما قبل العمل بهذا القانون بالبينة والشهرة بين الناس والكتابة على أبواب المساجد ونحو ذلك, وعلى كتب العلم لجهة توقف عليها هذه الكتب.
المادة (3) : سماع الإشهاد المبين بالمادة السابقة من اختصاص المحكمة الابتدائية الشرعية التي تقع بدائرتها أعيان الوقف كلها أو أكثرها قيمة. وإذا تبين لمن يسمع الإشهاد وجود ما يمنع من سماعه رفض سماعه وللطالب أن يتظلم أمام المحكمة الشرعية من قرار الرفض في مدى خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره في مواجهته أو من تاريخ إعلانه به بكتاب موصى عليه من قلم الكتاب إن كان غائبا. كما يجوز لمن يحرم بإشهاد أن يتظلم من الحرمان أمام المحكمة في مدى ثلاثين يوما من تاريخ علمه به. وتبت المحكمة في التظلم ويكون قرارها فيه نهائيا.
المادة (4) : لا يكون وقف المسجد والوقف عليه إلا مؤبدا. أما الوقف على جهات البر الأخرى وعلى المستحقين فيجوز أن يكون مؤبدا أو مؤقتا حسبما ينص عليه في إشهاد الوقف وعند الإطلاق يكون مؤبدا وإذا كان الوقف مؤقتا فلا تتجاوز المدة ستين سنة هجرية من تاريخ الإنشاء وإذا أقت الوقف على غير الخبرات بالموقوف عليهم فلا يكون على أكثر من طبقتين, ولا يدخل الواقف في حساب الطبقات.
المادة (5) : ينتهي الوقف بانتهاء مدته أو بانتهاء الموقوف عليهم. وإذا انتهى الوقف يصبح الموقوف ملكا للواقف إن كان حيا ولورثته إن كان ميتا, فإن لم يوجد له ورثة يئول إلى الهيئة العامة للأوقاف*. ---------------------- * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (6) : إذا كان الوقف على جهة بر لم توجد أو كانت وانقطعت أو فضل الريع عن حاجتها صرف الريع أو ما يفضل منه بإذن من المحكمة إلى الفقراء من أقارب الواقف الأقرب منهم فالأقرب ثم للفقراء عامة وإذا وجدت الجهة الموقوف عليها عاد الصرف إليها. وتتولى الهيئة العامة للأوقاف* إدارة شئون هذا الوقف والإشراف عليه. --------------------------- * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (7) : يجوز وقف العقار والمنقول ولو كان شائعا لا يقبل القسمة. ويجوز وقف الحصص والأسهم في الشركات التي تستغل أموالها استغلالا جائزا شرعا. كما يجوز الوقف على النفس بشرط أن يؤول في النهاية إلى جهة بر.
المادة (8) : وقف غير المسلم صحيح ما لم يكن على جهة محرمة في الشريعة الإسلامية أو كان على قربة إسلامية.
المادة (9) : لا يشترط القبول في صحة الوقف ولا في الاستحقاق إلا إذا كان الموقوف عليه جهة لها من يمثلها قانونا فيشترط القبول لصحة الوقف, فإن لم يقبل من يمثلها انتقل الاستحقاق لمن يليها متى وجد, فإن لم يوجد يعتبر الوقف منتهيا.
المادة (10) : حالات يبطل فيها الوقف يعتبر الوقف باطلا في الحالات الآتية:- 1- استحقاق الموقوف قبل الوقف. 2- إحاطة الدين بمال الواقف قبل الوقف. 3- إذا كان الوقف على البنين دون البنات أو بالعكس وذلك مع مراعاة حكم المادة 19. 4- إذا كان على معصية. ولا يسري حكم هذه المادة على الأوقاف المنشأة قبل العمل بهذا القانون.
المادة (11) : إذا اقترن الوقف بشرط غير صحيح صح الوقف وبطل الشرط.
المادة (12) : لا يعمل بشرط الواقف في الاستحقاق إذا قيد حرية المستحق في الزواج أو الإقامة أو الاستدانة إلا إذا كانت لغير مصلحة.
المادة (13) : معاني عبارات الواقفين يحمل كلام الواقف على المعنى الذي يظهر أنه أراده ولو بقرينة أو عرف.
المادة (14) : للواقف ما دام حيا أن يغير في مصارف الوقف وشروطه ويستبدل به ولو لم يشترط ذلك لنفسه. فإن لم يكن حيا كان ذلك للمحكمة الشرعية المختصة بناء على طلب المتولي على الوقف أو ذوي الشأن. وللهيئة العامة للأوقاف*، فيما هي ناظرة عليه أن تطلب من المحكمة المختصة الإذن بإجراء التغيير في المصارف والشروط، ولها الحق في الاستبدال دون توقف على إذن المحكمة. ------------------- * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (15) : تودع أموال البدل بخزانة الهيئة العامة للأوقاف*، فيما هي ناظرة عليه، في حساب خاص. وبالنسبة لأموال البدل الخاصة بالأوقاف التي تخرج عن نظارتها تودع في خزانة المحكمة الشرعية المختصة. ويجوز شراء أعيان جديدة بمال البدل تحل محل الأعيان المستبدلة وإنفاق هذه الأموال في إنشاء مستغل جديد أو استثمارها في وجه من وجوه الاستثمار الجائز شرعا. ويكون ذلك بإذن من المحكمة الشرعية بالنسبة للأوقاف التي لا تخضع لإدارة الهيئة بناء على طلب ذوي الشأن فيها. أما بالنسبة للأوقاف التي تتولاها الهيئة فيكون لها هذا الحق دون الرجوع إلى المحكمة. -------------------- * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (16) : إذا لم يطلب ذوو الشأن تطبيق حكم الفقرة الثالثة من المادة السابقة في مدى سنة من إيداع المبالغ خزانة المحكمة كان للمحكمة المودع لديها البدل من تلقاء نفسها أن تشتري أو تنشئ به مستغلات جديدة أو تأذن باستغلاله في وجه من وجوه الاستغلال الجائزة شرعا.
المادة (17) : إذا كان أموال البدل مشتركة بين أكثر من وقف يكون جميع ما ينشأ أو يشتري بها وقفا مشتركا بين الأوقاف المستحقة لهذه الأموال بنسبة ما لكل وقف فيها ويخضع هذا الوقف الجديد لنظر الهيئة إذا كانت الأوقاف خيرية، ولمن تختاره المحكمة إذا كانت أهلية، وهذا ما لم يكن للواقف شرط فيتبع.
المادة (18) : لا يجوز للمستحق في الوقف أن يتنازل عن الاستحقاق ولا أن يقر به كله أو بعضه للغير. وإقرار الواقف أو غيره بالنسب على نفسه لا يتعدى إلى الموقوف عليهم متى دلت القرائن على أنه متهم في هذا الإقرار.
المادة (19) : الوقف في حدود الثلث يجوز للمالك أن يقف ما لا يزيد على ثلث ماله على من يشاء من ورثته أو غيرهم أو على جهة بر، وتكون العبرة بقيمة ثلث ماله عند موته. ومع مراعاة حكم المادة 20، يجوز له أن يقف كل ماله على من يكون موجودا وقت موته من ذريته ووالديه وزوجه أو أزواجه، وإذا لم يوجد أحد من هؤلاء جاز له وقف كل ماله على من يشاء.
المادة (20) : مع مراعاة حكم المادة 22 يجب أن يكون للوارثين من ذرية الواقف وزوجه أو أزواجه ووالديه الموجودين وقت وفاته استحقاق في الوقف فيما زاد على ثلث ماله وفقا لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقا لأحكام هذا القانون. ولا يجب هذا الاستحقاق لمن يكون الواقف قد أعطاه بغير عوض ما يساوي نصيبه عن طريق تصرف آخر، فإن كان ما أعطاه أقل مما يجب له استحق في الوقف بقدر ما يكمله. ولا يجوز حرمان أحد ممن ذكر من كل أو بعض الاستحقاق الواجب له، ولا اشتراط ما يقتضي حرمانه إلا إذا كان هناك سبب قوي يقتضي الحرمان. وإذا زال سبب الحرمان يعود له حقه في الاستحقاق.
المادة (21) : بالنسبة للأوقاف الصادرة قبل العمل بهذا القانون والتي نص فيها على حرمان بنات الواقف أو ذريتهم أو البنين أو ذريتهم من الاستحقاق فيها، وكان واقفوها على قيد الحياة عند العمل بهذا القانون، يجب أن يكون لمن حرم أو ذريته استحقاق في الوقف على الوجه المبين في الفقرة الأولى من المادة السابقة. على ألا يطالب أحد ممن يؤول إليه استحقاق بمقتضى هذا النص بشيء عن المدة السابقة على العمل بهذا القانون.
المادة (22) : يجب أن يكون لفرع من توفى من أولاد الواقف في حياته استحقاق في الوقف بقدر ما كان يجب لأصله لو كان موجودا عند موت الواقف وبقدر ما يكمله إذا كان قد أعطاه شيئا بغير عوض أقل مما يستحق.
المادة (23) : الحرمان من الاستحقاق يحرم المستحق من استحقاقه في الوقف إذا قتل الواقف قتلا يمنعه من الإرث شرعا، وللزوجة أن تحرم زوجها من وقفها أو تشترط حرمانه إذا تزوج عليها في حياتها أو طلقها.
المادة (24) : إذا كان الوقف على الذرية مرتب الطبقات فلا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه ولا تنقض قسمة ريع الوقف بانقراض أي طبقة ويستمر ما آل للفرع متنقلا في فروعه إلا إذا أدى عدم نقضها إلى حرمان أحد من الموقوف عليهم. وإذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلى غلة الحصة التي كان يستحق فيها. وإذا انقرض مستحقو الحصة جميعهم عاد الاستحقاق إلى أقرب الطبقات، وإلا عاد لأصل الوقف ما لم يكن للواقف نص فيتبع.
المادة (25) : إذا كان الوقف مرتب الطبقات وجعل الواقف نصيب من يموت لمن في طبقته أو لأقرب الطبقات إليه كان نصيبه لمن يكون في طبقته من أهل الحصة التي كان يستحق فيها. وإذا كان الوقف مرتب الطبقات ولم يوجد أحد في طبقة منها صرف الريع إلى الطبقة التي تليها إلى أن يوجد أحد من أهل تلك الطبقة فيعود الاستحقاق إليها.
المادة (26) : إذا جعل الواقف غلة وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات فيها قسمت الغلة بالمحاصة بين الموقوف عليهم وذوي المرتبات بالنسبة بين المرتبات وباقي الغلة وقت الوقف أن علمت الغلة وقته، وإن لم تعلم وقت الوقف قسمت الغلة بين أصحاب المرتبات والموقوف عليهم على اعتبار أن للموقوف عليهم كل الغلة ولأصحاب المرتبات حصة بقدر مرتباتهم. على ألا تزيد المرتبات في الحالتين على ما شرطه الواقف. وتنقص المرتبات بنسبة ما ينقص من أعيان الوقف.
المادة (27) : لكل من المستحقين أن يطلب فرز حصته في الوقف متى كان قابلا للقسمة ولم يكن فيها ضرر ظاهر. ويعتبر الناظر على الحصة الخيرية كأحد المستحقين في طلب القسمة، وتحصل القسمة بواسطة المحكمة الشرعية.
المادة (28) : إذا اشترط الواقف في وقفه خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو في حكم المعينة وطلبت القسمة، فرزت المحكمة الشرعية حصة تضمن غلتها لأرباب هذه المرتبات بعد تقديرها على أساس متوسط غلة الوقف في السنوات الخمس الأخيرة العادية، وتكون لهم غلة هذه الحصة مهما طرأ عليها من زيادة أو نقص. ويؤدي كل مستحق للخيرات والمرتبات غير الدائمة أو غير معينة المقدار ما يناسب حصته في الوقف. ولا تجوز قسمة الموقوف في حياة الواقف إلا برضاه.
المادة (29) : في جميع الأحوال لا يجوز تملك أعيان الوقف ولا أمواله أو اكتساب أي حق عيني عليها بالتقادم مهما طالت المدة. ويجوز إزالة التعدي والغضب الواقع على الوقف بالطريق الإداري ولا يخل ذلك بما قد يترتب لجهة الوقف من حقوق أو تعويضات.
المادة (30) : من تعدى على الوقف بالهدم أو الإزالة فعليه إعادته إلى ما كان عليه وإلا فيلزم بدفع قيمة العين والتعويض عما وقع من ضرر. وتشتري بالقيمة عين أخرى تكون وقفا.
المادة (31) : إذا بنى الموقوف عليه أو غرس في أرض الوقف على أن يكون البناء والغرس له، كان له وإلا كان وقفا، وأن بنى أو غرس في الوقف أجنبي فإن بين أنه وقف صار وقفا، وإن لم يبين أنه وقف فإذا كان الوقف يحتاج إليه يكون وقفا ويوفى القيمة من غلته قائما، وإن لم يحتج إليه الوقف يكون له نقضه أو قيمته منقوضا.
المادة (32) : تتولى الهيئة العامة للأوقاف النظر على الأوقاف الآتي بيانها وذلك ما لم يكن الناظر عليها هو الواقف نفسه أو كان لها ناظر بمقتضى شرط الواقف. 1- الأوقاف التي يصرف جميع ريعها على المساجد أو غيرها من الجهات الخيرية أو جهات البر والنفع العام سواء كان ذلك ابتداء أو آل إليها. 2- الأوقاف التي لا يعلم لها جهة استحقاق. 3- الأوقاف التي يصرف ريعها على جهة خيرية أو جهة من جهات البر والنفع العام وما زاد عن حاجتها يكون لمستحقين آخرين. 4- الأوقاف التي يصرف ريع حصة شائعة فيها أو عين معينة بالذات في جهات الخيرات وذلك بالنسبة إلى تلك الحصة أو العين. 5- الأوقاف التي شرط النظر عليها لأية جهة حكومية أو لصاحب منصب أو وظيفة عامة بصفته هذه. 6- الأوقاف التي تعين الحكومة حارسا قضائيا عليها أو التي توكل في إدارتها من قبل من له حق التوكيل شرعا. ------------------------- * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (33) : يكون النظر على الأوقاف والأموال الموقوفة على الزوايا الإسلامية أو التي كان النظر عليها معهودا إلى مؤسسة الزوايا الإسلامية للهيئة العامة للأوقاف. ويكون للهيئة النظر كذلك على الأوقاف التي كانت تديرها وتتولى النظر عليها كل من إدارة الأوقاف بطرابلس ومصلحة الأوقاف ببنغازي. ------------------------- بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (34) : مع مراعاة حكم المادتين السابقتين، إذا كان الوقف على جهة بركان النظر عليه لمن شرط له ثم لمن يصلح له من ذرية الواقف وأقاربه ثم للهيئة العامة للأوقاف*. ---------------- * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (35) : تعيين الناظر عند القسمة إذا قست المحكمة الوقف أو كان لمستحق نصيب مفرز وجب إقامة كل مستحق ناظرا على حصته متى كان أهلا للنظر عليه ولو خالف ذلك شرط الواقف. فإذا كانت الحصة مشتركة لعدة مستحقين أقامت المحكمة أصلحهم ناظرا على هذه الحصة. وإذا لم يقسم الوقف لا يقام أكثر من ناظر عليه إلا إذا تعينت المصلحة في غير ذلك. ولا يولى أجنبي على الوقف إذا كان في المستحقين من يصلح للنظر عليه. وإذا اتفق من لهم أكثر الاستحقاق على اختيار ناظر معين أقامته المحكمة إلا إذا رأت المصلحة في غير ذلك. ويعتبر صاحب المرتب كمستحق ويقوم ممثل عديم الأهلية أو الغائب مقامه في الاختيار وتقرر المحكمة انتهاء ولاية الناظر الأجنبي متى وجد من المستحقين من يصلح لها.
المادة (36) : لا يجوز إقرار الناظر لغيره بالنظر على الوقف.
المادة (37) : مسئولية الناظر يعتبر الناظر أمينا على مال الوقف ووكيلا عن المستحقين. ولا يقبل قوله في الصرف على شئون الوقف أو على المستحقين إلا بسند فيما عدا ما جرى العرف على عدم أخذ سند به. ويكون الناظر مسئولا عما ينشأ عن تقصيره الجسيم نحو أعيان الوقف وغلاته وكذلك عن تقصيره اليسير إذا كان له أجر على النظر.
المادة (38) : استدانة الناظر على الوقف لا يجوز للناظر أن يستدين على الوقف إلا بإذن المحكمة الشرعية وذلك فيما عدا الالتزامات العادية لإدارة الوقف واستغلاله.
المادة (39) : لا يجوز تأجير أعيان الوقف بأقل من أجر المثل ويفسخ ما كان بأقل منه عند العقد ما لم يقبل المستأجر دفع أجر المثل أو كان قد روعي في ذلك مصلحة للوقف.
المادة (39) : استثناء من أحكام المادة (87) من القانون المدني يستوفي مقابل الانتفاع بالعقارات الموقوفة التي تتولى الهيئة العامة للأوقاف* وشؤون الزكاة النظارة عليها بإجراءات الحجز الإداري وفقاً لقانون الحجز الإداري والقرارات الصادرة بمقتضاه سواء كان المدين بها جهة عامة أو خاصة. ---------------- * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (40) : على كل ناظر على وقف خيري أو حصة خيرية أن يقدم كشف حساب مؤيدا بالمستندات عن الوقف المشمول بنظره سنويا إلى الهيئة العامة للأوقاف*. وإذا تبين للهيئة أن هناك تقصيرا أو سوء تصرف من الناظر، ترفع الأمر إلى المحكمة الشرعية المختصة للنظر في أمر الناظر. وكذلك ترفع الهيئة الأمر للمحكمة إذا امتنع الناظر عن تقديم كشف الحساب. ----------------- * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (41) : النظر في أمر الناظر تنظر المحكمة في تصرف الناظر أو الدعوى المتعلقة بالوقف، وإذا رأت ما يقتضي عزله فلها أن تقيم على الوقف ناظرا مؤقتا يقوم بإدارته إلى أن يفصل في أمر العزل نهائيا ويقام الناظر عليه بالطريق الشرعي. وإذا كلفت المحكمة الناظر أثناء نظر التصرف أو الدعوى بتقديم حساب عن الوقف المشمول بنظره ولم يقدمه مؤيدا بالمستندات في الميعاد الذي حددته له أو لم ينفذ ما كلفته به مما يتعلق بالحساب جاز لها أن تحكم عليه بغرامة لا تزيد على خمسين دينارا، وإذا تكرر منه الامتناع جاز لها زيادة الغرامة إلى ما لا يجاوز مائة دينار. ويجوز للمحكمة حرمان الناظر من أجر النظر كله أو بعضه. فإذا قدم الناظر الحساب أو نفذ ما أمر به وأبدى عذرا مقبولا جاز للمحكمة أن تعفيه من كل أو بعض الغرامة أو تعفيه من الحرمان من كل أو بعض أجر النظر.
المادة (42) : يحتجز الناظر كل سنة 4% من صافي ريع مباني الوقف يخصص للعمارة ويودع ما يحتجز خزانة المحكمة ما لم يكن الناظر هو الهيئة العامة للأوقاف فيتم الإيداع بخزانتها. ويجوز استغلال هذا المال لصالح الوقف إلى أن يحين وقت العمارة. ولا يكون الاستغلال والصرف إلا بإذن المحكمة ما لم يكن الناظر على الوقف هو الهيئة فيكون لها الحق في الاستغلال والصرف دون إذن. أما الأراضي الزراعية فلا يحتجز الناظر من صافي ريعها إلا ما تأذن المحكمة باحتجازه للصرف على إصلاحها أو لإنشاء وتجديد المباني والآلات اللازمة لإدارتها بناء على طلب ذوي الشأن. وللناظر ولكل ذي شأن إذا رأى أن المصلحة في إلغاء الأمر بالاحتجاز أو تعديله أن يرفع الأمر إلى المحكمة لتقرر ما ترى فيه المصلحة. وتطبق الأحكام المتقدمة ما لم يكن للواقف شرط يخالفها فيتبع شرط الواقف إلا إذا تبين أن المصلحة في غير ذلك.
المادة (43) : مع مراعاة أحكام المادة السابقة إذا احتاجت أعيان الوقف كلها أو بعضها لعمارة تزيد نفقتها على ما حجز للعمارة أو على خمس فاضل غلة الوقف في سنة ولم يرض المستحقون بتقديم، العمارة على الصرف إليهم، شرط الواقف تقديم العمارة أم لم يشترط، وجب على الناظر عرض الأمر على المحكمة لتأمر بصرف ما يفي بالعمارة من الغلة أو باحتجاز جميع ما تحتاج إليه منها أو باستخدام الاحتياطي المحجوز إذا كان هناك شيء منه. ويجوز للمحكمة أن تبيع بعض أعيان الوقف لعمارة باقية إذا لم يكن هناك ما يعمر به بدون رجوع في غلته متى رأت المصلحة في ذلك.
المادة (44) : من تاريخ العمل بهذا القانون لا يجوز لناظر الوقف أو الهيئة العامة للأوقاف أن يلجأ إلى تصرف يرتب على أعيان الوقف أو على شيء منها خلوا أو حكرا لمصلحة الغير أو حالة إلاجارتين. ------------------ * بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (45) : تعفى الأوقاف الخيرية من كافة الضرائب والرسوم المفروضة حاليا والتي تفرض مستقبلا كما يعفى المشهد من رسوم الإشهاد بالوقف الخيري أو التغيير إليه وذلك من رسوم الإشهاد بالتغيير في مصارف هذا الوقف وشروطه والاستبدال به.
المادة (46) : يجب على المحاكم الشرعية التي تتولى ضبط الإشهادات بالوقف أو بالتغيير في مصارفه وشروطه أو بالاستبدال بأعيانه أن ترسل إلى الهيئة العامة للأوقاف صورا من تلك الإشهادات خلال شهر من تاريخ الضبط بدون رسم ويجري تسجيل هذه الإشهادات لدى الهيئة في سجل خاص طبقا للنظام المقرر فيها. ----------------- بمقتضى المادة الأولى من قرار مجلس الوزراء رقم 150 لسنة 2012 تم حل الهيئة العامة للأوقاف وآلت أصولها وموجوداتها وأرصدتها والموظفين بها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
المادة (47) : إحالة يعمل فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون بالمشهور فالراجح من مذهب الإمام مالك.
نتائج بحث مرتبطة
تقدم إدارة موقع قوانين الشرق إصدارها الجديد من تطبيق الهواتف الذكية ويتميز بمحرك بحث في المعلومات القانونية في كافة الدول العربية، والذي يستخدمه أكثر من 40,000 ممارس قانوني في العالم العربي، يثقون به وبمحتواه وحداثة بياناته المستمرة يومياً على مستوى التشريعات والأحكام القضائية والإتفاقيات الدولية والفتاوى و الدساتير العربية والعالمية و المواعيد والمدد القانونيه ، كل هذه المعلومات معروضة بشكل تحليلي ومترابط .
يمكنك تحميل نسختك الاّن