نظرًا للتطور الحاصل في مجال التكنولوجيا والإعلام والاتصال وما صاحبه من ظهور مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية التي أصبح مستخدموها من جميع الفئات العمرية وبمستويات تعليمية وثقافية مختلفة، فقد يسيء البعض استخدام هذه الوسائل من خلال عمليات الابتزاز والتشهير والتحايل والإشاعات وذلك نتيجة لغياب الرقابة عليها، مما أدى إلى ظهور ما يسمى الجريمة الإلكترونية التي هي جريمة ذات طابع مادي ومعنوي، وتتمثل في السلوك غير القانوني المرتبط باستخدام الأجهزة الإلكترونية.
ان الجريمة الالكترونية أخذت ابعادا سلبية على المجتمع، لتكرار ممارستها من العابثين والمحتالين الذين يتسترون تحت غطاءات مختلفة بغية الحصول على المال سواء كان ذلك عن طريق سرقة حسابات بطاقات الائتمان عبر المواقع الوهمية التي يتصيدون من خلالها المستخدمين، أو قرصنة المعلومات الموجودة داخل الأجهزة، مما يستوجب سن تشريعات تجرم هذه الاساءات والتصرفات لتي يلجأ اليها المحتالون.
وفي هذا الإطار تلقي صفحة « الأمن» الضوء على مشروع قانون بشأن جرائم تقنية المعلومات المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب، والذي يناقش حاليا في مجلس الشورى، وذلك للتعرف على اهميته ومبرراته والآثار الايجابية المرجو تحقيقها في حال تطبيقه.

سن تشريع لمكافحة الجرائم الإلكترونية
قالت النائب سوسن تقوي رئيسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب ان الحاجة ماسة لقانون يضع ضوابطا فيما يتعلق بجرائم الحاسب الآلي، ويعد أمراَ مواكباَ لتحديث المنظومة التشريعية البحرينية باحداث التشريعات المتطورة، وبما يسهم في تشجيع المستثمرين لاتخاذ البحرين عاصمة لمشاريعهم الرائدة، بفضل ما تتمتع به من بيئة تشريعية جاذبة للاستثمار، والحماية من خلال وضع الضوابط اللازمة لجرائم الحاسب الآلي، وبخاصة ما تمثله التكنولوجيا في عصرنا الحالي من اهمية المشاريع الاقتصادية.
وأضافت تقوي أن قانون العقوبات البحريني صدر في السبعينات من القرن الماضي، ولم يتضمن أي ضوابط قانونية تفصيلية بشأن ما يتعلق بجرائم الحاسب الآلي، ولهذا فإن الحاجة باتت ماسة لإفراد تشريع مستقل، بدلا من وضع مجموعة من المواد بقانون العقوبات والذي يخضع لتحديث مستمر كلما اقتضت الحاجة التشريعية، لسد الثغرات القانونية به بما يواكب التطورات المتسارعة بالمجتمع.
ولفتت الى أن وجود قانون جرائم الحاسب الآلي يشكل مع مجموعة قوانين أخرى الحماية التشريعية لكل ما يرتبط بالشؤون التقنية والتكنولوجية، مؤكدة أن مجلس النواب راعى عند نظره التشريع مدى انسجام مشروع قانون بشأن جرائم الحاسب الآلي، التزام مواده مع أحكام اتفاقية الجرائم المعلوماتية وهي اتفاقية أوروبية متقدمة في هذا المجال وقد وقعت في العام 2001.
وأشارت إلى أن التشريع الجديد يسهم في استقصاء جرائم الحاسب الآلي وإثباتها وفقا للإجراءات القانونية المعمول بها، كما أن التحديث المستمر للمنظمومة التشريعية البحرينية يسهم بشكل كبير في مكافحة الجرائم الإلكترونية.
حماية الأفراد والمجتمع
من ناحيته قال إبراهيم بشمي عضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، انه مع التطور التكنولوجي والتقدم العلمي ظهرت مجموعة من الجرائم الحديثة المرتبطة بتكنولوجيا الحاسبات الآلية، والتي تستدعي تدخلا تشريعيا لمواجهة هذه الجرائم ويواكب التطور الحالي الحاصل في مجال تقنية المعلومات، ويتدارك التطور المستقبلي المتوقع في هذا المجال، من هنا تنطلق أهمية مشروع القانون الذي يوفر الحماية للدولة والمجتمع من هذه الجرائم التي تشكل مساسا بحياة وأمن وأموال الأفراد والمجتمع، مشيرا إلى أن لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى عملت على دراسة مشروع القانون، والذي هو عبارة عن مشروعي قانونين يتألف الأول فضلاَ عن الديباجة من ثلاث وعشرين مادة، فيما يتألف المشروع بقانون الثاني «والمعد في ضوء الاقتراح المقدم من مجلس النواب» فضلاَ عن الديباجة من ثماني عشرة مادة.
وأضاف بشمي بأن اللجنة عملت على دمج مشروعي القانونين، ولقاء الجهات المعنية بشأنه واستطلاع ملاحظاتها بما يصب في تطوير المشروع ليحقق الغرض الأساسي منه، إلى جانب الاطلاع على قوانين الدول العربية والخليجية المتعلقة بجرائم الحاسب الآلي والاستفادة منها.
حبس وغرامة
ومن جانب آخر أكد بشمي بأن اللجنة التقت بممثلين من وزارة الداخلية ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، والجهاز المركزي للمعلومات، والذين أجمعوا على أهمية مشروع القانون، ومن خلال هذه المناقشات قامت اللجنة بتعديل الكثير من النصوص بدءا من مسمى المشروع من جرائم الحاسب الآلي إلى جرائم تقنية المعلومات لأن المسمى الجديد أشمل ويستوعب كل صور ووسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة والمستجدة في المستقبل، انتهاء بتعديل عدد من مواد المشروع بقانون، فبالنسبة لديباجة المشروع فقد رأت اللجنة أهمية الإشارة إلى بعض القوانين لإتصالها المباشر بمواد المشروع، ولإشارتها لبعض الجرائم المرتكبة باستخدام تقنية المعلومات، كالمرسوم بقانون بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال وتعديلاته، والمرسوم بقانون بشأن المعاملات الإلكترونية وتعديلاته، والمرسوم بقانون بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، بالإضافة إلى قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، وقانون مصرف البحرين المركزي والمؤسسات المالية، كما قررت اللجنة إعادة صياغة بعض التعاريف، وإضافة تعريف كل من: تقنية المعلومات، والمعلومات، ووسيلة تقنية المعلومات والتشفير، وذلك لوجود علاقة مباشرة مع التعديل الحاصل على مشروع القانون, وعلى صعيد الجرائم الواقعة على أنظمة وبيانات الحاسب الآلي، فقد رأت اللجنة مضاعفة العقوبة التي نصت عليها المادة إذا نتج عن الدخول دون مسوغ قانوني إلى نظام تقنية المعلومات أو جزء منه إفشاء للبيانات المخزنة في وسيلة أو نظام تقنية المعلومات أو جزء منها ، حيث نصت المادة على أن تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبالغرامة التي لا تجاوز ثلاثين الف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.
عقوبات
كما أشار بشمي الى أن اللجنة قررت إعادة صياغة المادة «3» بما يحقق الهدف من تجريم إتلاف بيانات وسيلة تقنية المعلومات، مع إعادة صياغة المادة «4» لتشمل كل صور الالتقاط والتنصت والتجسس الحاصل على بيانات ونظم تقنية المعلومات، وبما يراعي العقوبات الواردة في قانون الاتصالات، كما أخذت اللجنة في اعتبارها عقوبات حالات التهديد بقصد الابتزاز بحيث تنسجم العقوبة مع جسامة الجرم، وحالات إساءة استخدام البرامج أو كلمات المرور أو شفرة الدخول وغيرها. كما تضمن مشروع القانون تحديداَ للجرائم ذات الصلة بوسائل تقنية المعلومات، لتشمل من قام بإدخال أو تغييب أو تعطيل أو إلغاء أو حذف أو تدمير أو تغيير أو تعديل أو تحريف أو حجب بيانات وسيلة تقنية المعلومات التي تخص إحدى المصالح الحكومية أو الجهات التي ورد ذكرها في المادة «107» من قانون العقوبات، على نحو من شأنه إظهار بيانات غير صحيحة على أنها صحيحة، بنية استعمالها كبيانات صحيحة، سواء كانت هذه البيانات مفهومة بشكل مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى جريمة الاستيلاء على مال مملوك للغير دون مسوغ قانوني أو الحصول على أية مزية أو توقيع سند أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة أو بالاستعانة بطريقة احتيالية، كما يعاقب مشروع القانون بالحبس وبالغرامة التي لا تجاوز مائة ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام باستخدام التشفير في سبيل ارتكاب أو إخفاء أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو أي قانون آخر، إضافة إلى تحديد الجرائم ذات الصلة بالمحتوى، لتشمل إنتاج المواد الإباحية بقصد توزيعها بواسطة نظام تقنية المعلومات، أو استيرادها أو بيعها أو عرضها للبيع أو الاستخدام أو التداول والتوزيع، بحيث تشدد العقوبة إذا كانت هذه المادة الإباحية موجهه إلى الأطفال أو وضعت في متناولهم، وذلك بالاعتماد على التعريف الوارد للمواد الإباحية عن الأطفال في البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال والمواد الإباحية عن الأطفال، في حين تمسكت اللجنة بالمادة «20» التي رأى النواب حذفها، وتنص على أن يعاقب على الشروع في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة، بالإضافة إلى استحداث مادة جديدة تحت رقم «23» يكون نصها «يعاقب كل من ارتكب فعلاَ يشكل جريمة بموجب التشريعات النافذة بواسطة نظام تقنية المعلومات، أو وسيلة تقنية المعلومات بنفس العقوبة المقررة لتلك الجريمة».
الحماية القانونية للمتضرر
واكد بشمي أنه انطلاقا من الهدف العام لمشروع القانون والذي يهدف إلى تحديد وتجريم الأفعال الخطيرة التي تقع على نظام الحاسب الآلي وبرامجه وبياناته، وما يرتبط به، أو يكون وسيلة لإرتكابها، فإن مشروع القانون يوفر الحماية القانونية عبر تحديد الإجراءات والسلطات الضرورية لإثبات الجرائم ونسبتها إلى مرتكبيها، وخصوصاَ كيفية الاستفادة من الأدلة ذات الطابع الإلكتروني المستمدة من نظم الحاسوب وغيرها من الجرائم التي يكون الحاسوب وسيلة لارتكابها لمواجهة صعوبات الإثبات وسهولة محو هذه الأدلة، بحيث يمكن لأي شخص طبيعي أو معنوي متضرر أن يحرك الدعوى الجنائية والمدنية للحصول على حقه، بالإضافة إلى دور النيابة العامة في تحريك دعوى الحق العام وشمول كل الجرائم المرتكبة بواسطة تقنية المعلومات في تشريع نافذ في مملكة البحرين، واعرب عن امله أن يصدر هذا التشريع بأسرع وقت لسد الفراغ التشريعي في مجال جرائم تقنية المعلومات، وأن يكون تشريعا عصريا يحتذى به في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.
تجريم مسيئي الاستخدام
ويطالب المواطنون بضرورة التصدي لكل من يسيء استخدام وسائل تقنيات المعلومات الحديثة من خلال قانون يجرم هذه الإساءات وفي هذا الاطار اكدت أريج معتوق انه مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت وتبادل الأخبار والنقاشات والمعلومات في هذا العالم الافتراضي، ولجوء بعض المستخدمين الى عمليات الاحتيال و التشهير بالأشخاص وقذفهم وسبهم تحت أسماء مستعارة، فإنه بات من الضروري سن وتشريع قوانين تنظم هذه العملية.
وأشارت الى ان العقوبات القانونية تسهم في ضمان عدم الاستخدام السيئ لمواقع الإعلام الاجتماعي وقنوات الاتصال الحديثه وبالتالي يحافظ على امن الافراد والمجتمع.