تستعد الحكومة الجزائرية لإصدار قانون جديد في الأسابيع المقبلة، ينظم ويضبط حركة الهجرة غير الشرعية، وحقوق المهاجرين واللاجئين.

وتأتي هذه الخطوة بعد انتقادات حادة وجهت للسلطة بسبب التجاوزات التي طالت بعض اللاجئين كالتشغيل غير القانوني، والاستغلال المنافي لحقوق الإنسان في بعض الورشات، وحتى تعرض بعض الأحياء التي يقيم فيها الأفارقة للحرق والتخريب من طرف جهات مجهولة.

وينتظر أن تتضمن النصوص الجديدة، التي تعكف وزارتا الداخلية والخارجية، على إعدادها إجراءات جديدة تكفل حقوق اللاجئين والمهاجرين السريين، وتفعل آليات الحصول على الصفة الرسمية للاجئ، فضلا عن تدابير أخرى تتعلق بالحقوق الاجتماعية والاستفادة من فرص الشغل والتغطية الصحية والإقامة.

واستنفرت الدعوات الموجهة على شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل طرد اللاجئين الأفارقة من الجزائر، المنظومة الحقوقية والإنسانية المقربة من الدولة، كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والهلال الأحمر الجزائري، وحتى بعض المنظمات والجمعيات الحقوقية المستقلة، من أجل إنقاذ موقف وصورة البلاد أمام المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية.

وكانت مصادر إعلامية محلية تحدثت على أن الأعداد المتزايدة في الأسابيع الأخيرة من اللاجئين الأفارقة، تندرج في إطار مخطط يستهدف إغراق البلاد بنحو ستة ملايين مهاجر أفريقي من دول جنوب صحراء، من أجل التوصل إلى معادلة ديموغرافية بأبعاد سياسية تستهدف خلخلة النسيج الاجتماعي والثقافي.

وتحدثت المصادر عن مخطط تديره جهات استخباراتية غربية وإسرائيلية، بغرض الوصول إلى توزيع ديموغرافي جديد في دول شمال أفريقيا والجزائر تحديدا، من أجل فرض توازنات بشرية واجتماعية جديدة، ولذلك يدفع بالآلاف من الرعايا في دول الجنوب للهجرة نحو الشمال.

وجاءت التسريبات الإعلامية، لتعزز تحذيرات من “فوضى انتشار اللاجئين وتفشي ظاهرة التسول في الطرقات والأماكن العمومية، فضلا عن بعض الأمراض المستعصية كالإيدز، وحتى الاعتداءات والتحرشات التي تصدر من بعض الشباب الأفريقي ضد السكان الأصليين في بعض الأحياء والمدن”.

وأبدى فرع منظمة العفو الدولية في الجزائر، ارتياحا لإعلان وزير الداخلية نورالدين بدوي، عن مشروع قانون خاص بالمهاجرين الذين يواجهون مخاطر في بلدانهم، وذلك على هامش احتفالية اليوم العالمي للاجئين المصادف لـ20 يونيو.

وقالت رئيسة الفرع حسينة أوصديق “إن الجزائر أصبحت بلد استقبال للمهاجرين، بفضل استقرار الأوضاع فيها، فاللاجئون الذين يأتون إليها لم يختاروا مغادرة بيوتهم وعائلاتهم وإنما اضطروا لذلك بسبب التهديدات”.

وأضافت “مشروع القانون الذي تعدّه وزارة الخارجية خطوة إيجابية، ثم إنه لا ينبغي أن ننسى أننا بلد إفريقي”. وشددت على أنه يجب على السلطات الجزائرية أن “توفر الاستقبال اللائق للمهاجرين السوريين ورعايا دول الساحل، وعدم ممارسة التمييز ضدهم”.

وحذرت من أن يتضمن القانون المنتظر عقوبات ضد الأجانب الذين يعبرون الحدود بطريقة غير قانونية، في إشارة إلى إمكانية لجوء الحكومة إلى فرض تدابير أكثر صرامة في قبول اللاجئين على الأراضي الجزائرية.

وأكدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان سعيدة بن حبيلس “إن الجزائر تفتح أبوابها دائما لكافة اللاجئين الذين تعاني بلدانهم من الحروب والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة”.

وقالت “إن المدينة الفوضوية التي أسسها اللاجئون على ضفاف وادي الحراش، تحت أحد الجسور الكبرى بالعاصمة، والظروف المزرية التي يقيمون فيها، هي من اختصاص السلطات العمومية والمحلية، وليس من اختصاص الهلال الأحمر الجزائري، الذي لم يتأخر في تقديم المساعدات للعائلات المتواجدة هناك”.

وأضافت في تصريح لوسائل إعلام محلية “لا يجب أن نقيم الدنيا ولا نقعدها لأنهم نصبوا خياما، لا تضخموا الأمور.. الأفارقة اختاروا الجزائر لأنهم متأكدون أن الجزائر بلدهم الثاني”.

وتابعت “المطالبون بترحيل اللاجئين الأفارقة، لا يمثلون إلا أنفسهم، ولا يجب أن نعمم الأمور آو نخلط بين قيم الجزائريين والتصرفات المعزولة التي يقوم بها بعض الأفارقة، فالمناوشات وأحداث العنف تحصل حتى بين أفراد العائلة الواحدة، وبين سكان حي وحي، وحتى بين مناصري الفرق الرياضية “.

وتساءلت “لماذا التضخيم إلى درجة محو قيم الجزائريين المتمثلة في التضامن والتآخى، لأننا مررنا بنفس المرحلة في الثورة التحريرية، وأثناء العشرية الحمراء، حيث تضامنت معنا العديد من الدول، واستقبلتنا على غرار تونس والمغرب”.

وكانت السلطات الجزائرية قد شرعت في ترحيل نحو 18 ألف رعية من دولة النيجر منذ العام 2015، بالاتفاق مع الحكومة المحلية، إلا أنها فشلت في التحكم في ضبط حركة الهجرة غير الشرعية واللجوء من دول جنوب الصحراء.

وتشهد مختلف المدن الجزائرية خلال الأسابيع الأخيرة، موجة تدفق غير مسبوقة للاجئين الأفارقة، القادمين من مالي، النيجر، نيجيريا.. وغيرها.

ومع النقص الملحوظ في مراكز الاستقبال والإيواء، وحتى عدم التزام اللاجئين بمخطط يومي، بدأت تظهر في بعض الأحزمة العمرانية أحياء افريقية عشوائية، تضم العشرات من العائلات بنسائهم وأطفالهم، حيث يأوون إليها في الليل، وفي النهار يلجأون إلى الطرق والأماكن العمومية للتسول.